حدثنا قرفان ابن وارم فى كتابه (البيضوحباطي
من تحت البطاطي) عن قوم عاشوا فى سوالف الدهر و كثر بينهم الغباء و العهر... أتاهم
الله من فضله فبخلوا و منحهم الفرصة فعموا و صموا............
حدثنا عن قوم يعيشون فى مصر بعيد بعيد......
عاشوا فى ذل و مسكنة و نحنحة و نهنهة.......... و باتوا فى ضيق الحال و أصبحوا فى
غم المآل......... عاشوا جيلا بعد جيل يبوسون القدم و يتطلعون لا لشيء إلا أن
يكونوا من أفراد الخدم أو فى مقدمة الغنم .... و إذا برز منهم بارز بارزوه حتي نقم............ و إذا
قيل لهم مالكم نيام و العالم قيام قالوا إن الله علينا هكذا حكم...... وهم عن حكم الله و سنته فى الكون صمم.
و لكن لله فى خلقه شئون........... بعث من
أصلاب النيام و من قلب السكون.............. شباب شباب القلب و
العيون.............. قالوا كلمة حق فى وجه سلطان جائر خئون.... و أعطوا شيبة
القلب شيبة العيون ممالك عصت على الأعداء قرون.......... ليرفعوا عزها و مجدها
الميمون........... فأدموا قلوب أبنائهم و عيونهم و مضوا عن المجد لعضم كلب يلوكون
من هم فى مثل سني ربما يذكرون كلمة كانت تقال
فى الثمانينيات من كثرتها كنت أظنها و أنا طفل فى العاشرة أن الجرائد يضعونها
فى رأس و متن أي خبر كناية عن أي شيء و كل شيء, مثلما نستخدم نحن كلمة "البتاع" مثلا فى لغتنا العامية... كانت الكلمة هي "مؤتمر دولى
للسلام فى الشرق الأوسط"...... و فى يوم من الأيام فوجئت فى مطلع العقد
الأخير من القرن الماضي أن هذا "البتاع" قد عقد بالفعل بحضور من مختلف
أطراف البتاعة.. و جاء البتوع و راح البتوع و سنون مرت و لا يبدو من شيء يحدث على
الأرض, لكن البتاع قد حدث.............
هكذا أصبحت "الديمقراطية" و "الثورة"
و "الإنتخابات" فى مصر............. مجرد بتوع.... يتنطع بها علينا
مجموع من ولاد البتاع ........ كلهم يبكي الوطن أو الدين أو الوطنية.........
و الحقيقة أنني سياسيا لا أميل إلى اليمين و
التيارات المحافظة, و أمتعض كثيرا من نظرتهم من بلكونة الدور العاشر فى عمارة
الإيمان على أمثالنا من حلفاء الشيطان فى بلاليع الغواية كما يرونا أو كما يبدو لي
أنهم ينظرون إلينا.......... و لو أني أقدر لهم خوفهم علينا من العقاب الأخروي ,إلا
أنني كرجل أصلي فروضي الخمس و أؤدي زكاة مالى و أصوم شهرى و حججت بيت ربي ,,,, و
لا أزال على بعض المعاصي كحال البشر أري أنهم ربما ليسوا على ما يدعون من كمال
الحال و رقي القلوب............. و إن كان فى الأتباع خيرا كثيرا, ففي القيادات من
كان طلعها كأنه رؤوس الشياطين..................
و أما عن التيارات المدنية اليسارية
الليبرالية, فرأيتها أقرب لنفسي و لقلبي, لم أؤيد كل مواقفهم و لكني نظرت يوما
لجبهة الإنقاذ على أنها ربما تقدم بديل ما........... مبتسر... ناقص.... ضعيف و لكنه بديل قد (أقول قد) يكبر يوما ما.......... و لم أخش عليهم من خصومهم, و إنما خشيت كل
الخشية عليهم من ذات بينهم. فالصراع و الخناقة على الوقوف أمام الميكروفونات فى
البيانات التي يلقونها لا تبشر بخير
و الحق أحق أن يتبع, حين يقوم خصمك بحركة
ذكية فلا حرج أن تصفق إعجابا بها حتي و إن كانت ضدك..... و إما فتشنج و إفقد
أعصابك إن شئت و إجعل المارة يضحكون عليك........... و الدعوة للإنتخابات حركة
بارعة و لا شك,,, و إن كان غباء الحكم حتي الساعة يجعلني أظن أن ذكاء الحركة من
باب (تيجي مع العمي طباش)
الجبهة وقعت فى حيص بيص,,,, فلو شاركت فى
الإنتخابات ستخسر جزءا من أعضائها المطالبين (بل الصارخين) باستمرار الإضراب و
الإعتصام و التظاهر و الحركة الشعبية على الأرض............. و لا يجعل الله لك
خصما من هؤلاء, فهم السلفية الجهادية الثورية, فإما أن تكون معهم و إما ألا تكون
أبدا... لا فارق بينهم و بين خصومهم إلا فى شكل الملبس أحيانا
ولو قاطعت, فستخسر الرصيد القليل و الزخم
البسيط الذي حصلت عليه بعد 22 نوفمبر مرورا ب 5 ديسمبر و وجودها كممثل محتمل
لمعارضة موحدة ضد الإخوان.... ثم كان نقاشهم و محاولة تحالفهم مع النور على
غرابتها مؤشرا على تكون اتجاه يمكن أن يضغط على الجماعة لتعديل خطها فى إتجاه وطني
أكثر رشدا بدلا من محاولات البلطجة التي يمارسونها منذ نوفمبر
و هنا يبدو أن الإتجاهين خاسرين, و لكن
التاجر الشاطر (ليس أخو خيرت الشاطر, هو تشابه اسماء بس) يعرف أن الخسارة القريبة
خير من المكسب البعيد.......... و لا مقارنة بين خسائر المشاركة و خسائر المقاطعة
فى تقديري البسيط
إن كان للمقاطعة مكسب فهو الرهان على ازدياد
الضغط الإقتصادي المتوقع حتي انفجار الأوضاع بما يجعل كل السلطات الموجودة وقتها
من تنفيذية و تشريعية (و ربما تأسيسة حتي) فى مهب الريح... بما يجعل الحلول 3 لا
رابع لهما: إما ثورة لا تبقي و لا تذر موديل الثورة الفرنسية 1789 أو انقلاب عسكرى
موديل 1954 (و ليس 52, بعد إزاحة كل ما هو عسكرى) و إما ربيع براغ موديل 1968 (بمعني قمع لا نهائي حتي استباب الوضع للحاكم). و لا أري ميزة فى أي منهما
إن كان للمشاركة خسائر فهي منح شرعية
لإنتخابات مضحكة فى الحقيقة, تحت رعاية حكومة لا تستطيع أن تفرض سيطرتها خارج غرفة
نوم رئيس الوزارة, تجرى على القوات المسلحة لتطلب منها حماية قمة اسلامية عدد
حضورها أقل من عدد حضور مولد المرسي أبو العباس.... فى ظل تمثيل الدعوي العمومية
بنائب عام أظنه من الإثنين اللذان وردا فى حديث الرسول عليه الصلاة و السلام (قاض
فى الجنة و قاضيان فى النار)............ فى ظل تقسيم للدوائر يجعل الحليم
حيرانا..................
أشهد ان الموقف محير و لكنني أري بوضوح, أن
مصلحة البلد (و ربما ليست المصلحة المثلي للجبهة) هي أن تشارك فى الإنتخابات و ذلك
لأنني كمواطن (ربما أكون وحدي و لا أعرف كم معي فى هذا الرأي) أري أن هذا تخليا
عني و تركا لي فى مواجهة سلطة غاشمة مستبدة بلا أي مواجهة سياسية. كما أنني كمواطن (ربما أكون وحدي و لا أعرف كم معي فى هذا الرأي) زهقت من المظاهرات, ليس كفرا
بحقيقتها و أحقيتها و إنما بغضا لإمتهانها و ابتذالها حتي صارت مجرد.....بتاع
أحمد
تابعوني علي @ahmadsamysallam