هناك تقرير لطيف و محترم يصدر عن المنتدي الإقتصادي العالمي إسمه (تقرير التنافسية الدولية) هذا التقرير يصدر سنويا و يقوم بقياس مجموعة من العناصر السياسية و المالية و الإجتماعية لعمل قائمة للدول من حيث قدرتها على التنافس و جذب الإستثمارات و التطور الإقتصادي
ورد إلى التقرر الجديد الخاص ب 2012/2013 و بالطبع به مصر و وددت أن أشارككم بعضا من الأشياء اللطيفة التي جاءت به... نبدأ بالحقائق الواردة طبقا للتقرير:
عدد السكان 83 مليون نسمة
الناتج الإجمالى المحلي: 235.7 بليون دولار (حوالي تريليون و 652 بليون جنيه مصري)
(ملحوظة:الناتج القومي المحلي لإسرائيل 243 بليون من 7.8 مليون نسمة و لليونان و هي علي مشارف الإفلاس 303 بليون من 12 مليون نسمة)
متوسط الدخل: أقل قليلا من 3000 دولار سنويا
نأتي للأرقام المجردة (يرجي ملاحظة أن هذا التقرير يصنف 144 دولة, و عليه فالمراكز التي ستذكر منسوبة فى ترتيبها ل144):
مصر فى مؤشر التنافسية الدولية عام 2010/2011: المركز 81
مصر فى مؤشر التنافسية الدولية عام 2011/2012: المركز 94
مصر فى مؤشر التنافسية الدولية عام 2012/2013: المركز 107
طيب أين عنصر التراجع الأساسي؟
يقوم المؤشر بحساب نقاط بناءا على 12 مؤثر منها المؤسسية, مستوي البني التحتية, الصحة, التعليم الأساسي, حجم السوق و كفاءة الأيدي العاملة...... إلخ
و لا تعامل كل المؤشرات بوزن واحد, و يمكن تقسيم الدول إلى 5 مجموعات حسب مرحلة التنمية التي تمر بها, يوجد فى المجموعة الخامسة دولا مثل الدنمارك و الولايات المتحدة و اليابان و "إسرائيل" بينما يوجد فى المجموعة الأولي دولا مثل بنين و موريتانيا و نيبال و طاجيكستان و غيرها. مصر تقع فى المجموعة الثانية و ترافقها دولا مثل سريلانكا و بوليفيا و بتسوانا و ليبيا و المملكة العربية السعودية
الدول العشر الأولي فى مؤشر العام الحالي تقريبا هي نفس الدول من مؤشر العام الماضي مع إختلافات بسيطة فى الترتيب فيما بينهم و هم بترتيب هذا العام (سويسرا, سنغافورة, فنلندا, السويد, هولندا, ألمانيا, الولايات المتحدة, بريطانيا, هونج كونج و اليابان)..... و بالمناسبة, قطر رقم 11
الدول العشر ذوات المراكز الأحيرة هي بالترتيب من 135-144 (سوازيلاند, تيمور, ليسوتو, موزامبيق, تشاد, اليمن, غينيا , هايتي, سيراليون, بوروندي)
الدول التي تجاور مصر فى الترتيب و تتقارب معها هي (زامبيا, غانا, بوليفيا, الدومينيكان, كينيا, نيكارجوا, غينيا, الجزائر, ليبيريا, الكاميرون).... بالمناسبة, "إسرائيل" فى المركز 26 علي العالم و قد تراجعت أربع مراكز
نأتي للمهم, الحقيقة أنه بالنظر لمعظم المؤشرات و العناصر و الأخذ بالأعتبار الإنهاك الذي تعرضت له البلاد إقتصاديا و على مستوي البني التحتية فى السنين الماضية عموما و الأشهر الثلاثين الأخيرة خصوصا, فإن التراجع فى الترتيب و ما يترتب عليه من معاني و مؤشرات مفهوم كلية, و لكن نظرا لتعدد المناحي و حاجة متخذ القرار للتركيز على قطاعات أكثر من الأخري لتحقيق نتيجة إيجابية فإنه يتعين النظر لأي القطاعات هي التي تسبب (أو تعرضت) للضرر الأكبر و يأتي ذلك من خلال مراجعة وزن و تأثير كل عنصر من عناصر المؤشر على النتيجة النهائية و عليه وجدنا الأتي:
فيما يخص المؤشرات التي تختص بالإبداع و مجتمع الأعمال المركب فإن مصر تحتل المركز ال94. فيما يخص المؤشرات الخاصة بالإحتياجات الأساسية و البني التحتية فإن مصر تحتل المركز 110...
و في المؤشر تحديدا الذي يحدد مستوي بيئة الإقتصاد الكلي (و هو جزء من المؤشر الخاص بالإحتياجات الأساسية) (الذي يختص بالوضع الإقتصادي العام للدولة و يأخذ بعين الإعتبار أرقام العجز فى الموازنة ونسب خدمة الدين و نسبة الدين الداخلي للناتج الإجمالي القومي....إلخ) فإن مصر إحتلت المركز 138 و لم تسبق سوي دولا على شاكلة سيراليون, باكستان, اليمن و ملكة الإفلاس... اليونان صاحبة المركز الأخير فى هذا المؤشر بالذات.
كنت أرجو أن أتمكن من مقارنة التأثير المباشر للربيع العربي على المؤشر بمقارنتنا بالوضع فى تونس إلا أنها للأسف لم تذكر بالتقرير.
لا شك أن هناك طرقا كثيرة لقراءة هذا التقرير لمن شاء, و لا شك أيضا أن المركز الذي حققته مصر مركزا مؤسف و يبدو مرشحا للنزول أكثر و لكن ما يعنيني هنا هو كيفية المواجهة الإقتصادية السياسية لهذا الوضع
لن تكون المواجهة أبدا بزيادة حجم الدين عن طريق العمل على استقدام ديون جديدة (داخلية و خارجية)... فوضع الدين المصري بالأساس فى تقديري سئ و تكلفته مرتفعة, و عليه فإن استقرار الوضع الإقتصادي مرتبط باستقرار الوضع السياسي بخطة إقتصادية طويلة المدي من حكومة "منتخبة" تتولي السلطة بناءا على "برنامج إقتصادي" واضح يخاطب الجماهير و يصارحهم بوجود "أعباء حقيقية" سيتحملها الناس نتيجة ضرورة عمل "خطة تقشف حكومية" و إعادة هيكلة للجهاز الحكومي بالكامل متضمنا الداخلية بميكنته و تقليل حجم إنفاقه السنوي بصورة راديكالية. و فى ظني لن تتمكن حكومة يمينية من فعل ذلك على الإطلاق.
قد أكون مخطئا و لكن سبل العمل الحالية لا تبدو أنها نافعة, و التأخر فى الإصلاح سيزيد حجم الضرر و مستواه على جميع الفئات, الأغنياء و الفقراء
رابط لتقرير التنافسية: http://www3.weforum.org/docs/WEF_GlobalCompetitivenessReport_2012-13.pdf