هذا المقال ليس حالة تفاؤل نحو المستقبل و لا
تشاؤم أيضا... و لا أحاول عموما أن أقدم "رؤى" لما هو أت.... و إنما
أحاول أن أطرح أسئلة فقط و أقدم أجوبة قد تكون خاطئة فى الأغلب و قد يصيب
بعضها...... خذ كل ما يكتب فى مدونتي من هذا المنطلق لترتاح و تعلم أنه من المناسب
تماما أن تعارضها أو تنقدها أو تنقضها بالكامل
لو أنك من قصيري البال و قليلي الصبر و لا
تريد قراءة المقال كله و تريد رأيي من الفقرة الأولي... فهاهو.... استقرار مصر
مطلبا بعيد المنال و لن نناله فى الأغلب خلال العقد القادم .... أقل قليلا أو أكثر
قليل..........
إن كنت تود أن تعرف لماذا "أظن" أو
"أزعم" ذلك الظن و الزعم فهذه
حيثياتي و أسبابي.....................
أولا لنعرف الهدف.... ما هو الإستقرار؟ هل
كان حكم مبارك مثلا يشكل إستقرارا؟ و من الذي يقرر إذا كان الوضع مستقرا؟ بل لماذا
نهدف أساسا للوصول إلي ما نسميه الإستقرار؟
أزعم أن الإستقرار الذي أعنيه أنا هو حالة من
الإتفاق المجتمعي على الشعور بالحد الأدني من الرضا و القبول للأوضاع الحاكمة فى
المجتمع سياسيا و إجتماعيا و إقتصاديا و ثقافيا....إلخ, و حدوث هذه الحالة لا يتم
إلا فى إطار منظومة قانونية و عدلية تضمن حقوق الأطراف المختلفة المشاركة فى هذا
المجتمع. لو قبلنا بهذا التعريف لربما أمكن إعتبار فترة حكم مبارك فترة مستقرة في "جزء منها فقط" بينما تضعضعت أركان هذا الإستقرار فى بدايات القرن
الحادي و العشرين و بدأت الشقوق تظهر على جوانبه
لماذا نريد الوصول لهذا الإستقرار أصلا؟ الحقيقة
أن هذا الاستقرار هو الوسيلة الوحيدة المتعارف عليها للتحرك بالمجتمع للأمام...
فبدونه تبدو كأنك تحاول قيادة سيارة فى الطريق السريع بينما شنطتها و غطاء مقدمتها
و أبوابها الأربعة مفتوحة فتصبح مجرد حادثة تنتظر الحدوث. و لكن ليس معني ذلك أن
الاستقرار هو ان المجتمع كله على قلب رجل واحد برأي واحد و هدف واحد... فهذا ضد
طبيعة البشر... و إنما معناه أن هناك وسائل متفق عليها و تحظي بقبول إجتماعي واسع
للإختلاف و التغيير.... و هذا ما كان مفتقدا فى استقرار مبارك ..... بل كان مفقودا
فى معظم فترات استقرار مع بعد 1952..... و لازال مفقودا للآن
قرار مدي استقرار بلد كمصر فى الوقت الحالي
رهن فى أغلبه باتفاق أهلها على الوسائل التي تضمن ذلك.... و بنسبة أقل كثيرا على
تراضي الدول ذات الصلة و المصالح على ما يراه المصريون استقرارا... لا توجد دولة
فى العالم مهما بلغ حجمها و قوتها تستطيع أن تفرض على دولة أخري مهما بلغ صغرها و
تفككها استقرارا لا يرتضيه أهلها و لو ضربتهم بالقنابل الذرية... و لنا فى ثنائيات (أمريكا/العراق, الإتحاد السوفيتي / أفغانستان....إلخ) نماذج واضحة
فالاستقرار يتطلب جهدا و تعاونا للبناء و هو
صعب بينما التخريب و الهدم سهل جدا.... فمن الممكن أن تتواطئ دولا –فرضا- لهدم
دولة ما و لكنها لا تستطيع أن تبني استقرارا لا يوافق عليه أهل البلد أنفسهم
فإذا كان ذلك كذلك.... فلما يبدو الإستقرار
المصري برأيي أملا لا يزال بعيدا بالمعطيات الحالية؟؟؟
أولا لأن بالتعريف .... ليس لدينا أدوات
الإستقرار.................
فارق كبير بين أن تري مثلا أن تيار اليمين
المحافظ المصري هو تيارا إرهابيا و تود لو أن تفنيهم من على وجه الأرض فى غمضة عين
و بين أن تفعل ذلك فعلا..... غالبا أفلام الحركة الأمريكية أفسدت طريقة نظرتنا
للتعاطي مع الأمور حتي رأي بعضنا أن راعي البقر يستطيع أن يقتل ألفا بمسدسه ذي
الطلقات الست ثم يرفع قبعته من الأرض ليزيح عنها التراب............
نعم يا سيدي و آسف على مباغتتك بهذا
الأمر..... ذلك التيار الذي تراه أنت إرهابيا – لا أناقش مدي صحة هذه النظرة الآن
من عدمها- هو تيار مصري يقيم معنا فى هذا
البلد... و لن يفني و لن تفني أنت و لن تستقيم الأمور الآن بهذه الصورة و إنما
سيظل الوضع فى شد و جذب...... و مهما بدا الأمر مبتذلا و مكررا فلن نمل من تكرار
أن سيادة القانون و تطبيق العدالة على الكل هي السبيل الوحيد للوصول لما يريده
الكل...... فستحاكم و تدين من يثبت قانونا أنه أجرم و الباقي سيمارس حقوقه السياسية و الحياتية بطبيعية
مضحك كيف أن الغالبية من الأطراف تريد هدفا
واحدا و أن كل منهم يسير بالضبط فى الإتجاه الذي يضمن عدم تحقق هذا الهدف!!!
رأيي أنه و إن كان الغالبية تطلب هذا
الإستقرار فإنها تطلبه بشروطها أو بمعني أدق بشروط قياداتها .... قياداتها ذات العداوات
التاريخية على إمتداد 4 عقود أو يزيد و التي تيبح
لديها – لدي القيادات – الدفع بالأتباع فى سبيل الحرب المقدسة المدنسة (بفتح النون و كسرها).......
و لن يتغير هذا الأمر إلا بأداتين
أولهما الوقت.... كلما مر الوقت أدرك كل طرف
أن التكاليف لا تساوي العوائد.... ناهيك عن أن الزمن قد يكرم هذا البلد بقبض أرواح
من يلقي الزيت على النار.......
و ثانيهما هو ظهور الظهير الفكري و هذا ما
أريد أن أشرح له بعض الشئ......
أظن "و ليس كل الظن إثم" أن كل
نظام حاكم متكامل مستقر معبر عن أمال و طموحات شعبه لا بد له من فلسفة فكرية تقوده
و تلهم جماهيره و تكُون عقيدة قوانينه و استراتيجية جنده..... في مصر كان هناك
رفاعة الطهطاوي فى عصره و كان هناك هيكل فى وقته و يوسف السباعي و أنيس منصور و
أحمد بهاء الدين بل و حتي إبراهيم نافع و غيرهم.... أناس "أتفقت أو إختلفت
معهم" يشكلون واجهة فكرية للنظام, يقدمون فلسفته و يحيكون إستراتيجيته و
يمثلون ممرا ذو إتجاهين , إتجاه ينقل للشعب فلسفة الحكم و توجهه و إتجاه ينقل
للحكم نبض الجماهير ................. ظهير فكري للنظام
هذا الظهير و كفاءته دلالة على مدي كفاءة النظام و استقراره
طب إيه النظام؟؟؟ هل أفرزت 25 يناير و 30
يونيو ظهيرا فكريا؟ هل هناك قيادة أو شبه قيادة ظهرت تستطيع ترجمة "العيش و
الحرية و أخواتها" إلى فلسفة فكرية؟ هل هناك من تستطيع أن تقول أنه منًظر
المرحلة؟
البرادعي ليس الإجابة.... البرادعي رجل نبيل
و لكنه قادم من نظام معد مسبقا و به أدوات التنفيذ.... البرادعي رجل عظيم.....
رئيس رائع .... لسويسرا
المنًظر المطلوب شخص من هذا الطين.... فاهم "التيتة" و قادر على صياغة الفكرة و تحريرها و نقلها و تعديلها.......
من هو هذا المنًظر .....
لا أظن أنه ظهر.... و إن كنت أظن أن
الاستقرار –الاستقرار من كل الأطراف ذات الصلة – مرتبطا بظهور هذا الشخص... و هو
ليس شخص واحد بالطبع... بل ربما يمتلك كل تيار أكثر من شخص من هذا النوع
هناك أسماء من الممكن أن تترشح –إذا شاءت-
لهذا الدور من مختلف الشخصيات..... فشير, أحمد سمير, عمرو عزت, سعد الدين الهلالي,
المصطفي حجازي, ,,,,,, إلخ فلسنا نعاني من هذه الندرة فى العقول.... لكننا نعاني
بقوة من الندرة فى إدارة العقول و الموارد
الإستقرار لسة حبيتين...... أرجو أن أكون
غلطان
التفاؤل فى هذه الظروف يكاد يكون وقاحة - بهاء طاهر
follow me on twitter @ahmadsamysallam
follow me on twitter @ahmadsamysallam