علمونا فى المدرسة أن (أما بعد) تسمي فصل
الخطاب , فهي تفصل بين المقدمة و الموضوع, بين الرأس و الجسد...... و هو ما نحن
فيه الآن
لا أود أن أكون قاتل الفرحة أو مفسد الحفلة
التي يبدو أن الكل قد إنغمس فيها بصورة أو بأخري عارفا أو غافلا عما نحن مقبلون
عليه, مستريحا لفكرة ربما طرأت على ذهن البعض من أن من سيقوم بأي رد فعل مخالف
لعموم الرغبة التي حركت الجموع من 28 يونيو (و ليس 30 يونيو) فهو مجرم أثيم إرهابي
و سوف نقتله أو نعتقله و ينتهي الأمر...... و لكنني حقا لا أرغب أن ألدغ من جحر
مرتين, و لقد لدغت من جرة العسل هذه فى 11 فبراير 2011 و أفقت فى 19 مارس 2011. قد
أكون من المحظوظين الذين أفاقوا مبكرا نسبيا و لكن للأسف لم يكن الوقت مبكرا بما
فيه الكفاية و لست شخصا مؤثرا علي الإطلاق ليكون لي صوت مغير لما هو حولي,,, لا
أملك إلا هذه الكلمات
بداية, أود أن أسرد بعض ما حدث آنفا..... بعد
ثورة 25 يناير (التي لم تنجح حتي لحظة كتابة هذه السطور, فهي لم تحقق أهدافها
الإستراتيجية المعلنة) أخذني ما أخذ غيري من فرحة عارمة بالنصر على رئيس كنت قد
ظننت و أنا فى ال35 حين إذ و هو فى ال83 أنه سوف يسر فى جنازتي و ينعيني و هو بعد
رئيس فاحم الشعر!!! كنت أظن أن ذلك غاية المراد من رب العباد, و أنه رأس السوء و
الفساد و عقدة الأمر و بعد حلها يأتي الميلاد.... ميلاد أمة أحق بما هو أكثر و
أفضل..... حتي بدا لي ما لم أكن أحتسبه,,,,, بدا لي أن الوطن الذي ظننته واحدا قد
بات أشتاتا......... طوائف و فرق و شيع
لعل ذلك من السذاجة, و لكن الثورية
الرومانسية أعمتني حينئذ و ظننت أننا قادرون على توحيد الصف و فاتني أن الله قد
خلقنا مختلفين..... مختلفي العقول و المشارب و أن حتي المنطق الذي أظنه منطقا لا
يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه هو لا يساوي مقدار حبة لدي أخي فى
الوطن..... و تبين لي أيضا أن هذا الوطن به غالبة عددية متعلمة, و لكن به غالبية
أكثر عددا جاهلة و إن قرأوا الكتب و خطوا الصحف.......... و رأيت كيف أننا أغلقنا
عقولنا و قلوبنا على بعضنا البعض حتي صارت كالحجارة أو أشد قسوة
و أخيرا أدركت أن ذلك طابع البشر, فهم
مختلفون و ذلك رحمة..... اختلافنا رحمة شريطة أن ندرك أنه ذلك حقيقة طبيعية و أن
حكمته أن نتكامل و لا نتفرق............. و لكن هل أدرك ذلك الجميع؟ هل حتي إدراكي
ذلك صحيح؟؟؟
بفرض أنه صحيح (فلا أملك لآن فرضية أكثر
قوة), فليس من الحكمة أبدا أن نكرر نفس أخطاء ما مضي, و إن الله بكرمه قد أنعم
علينا بما لم ينعم به على غيرنا...... فرصة أخري
فقط للعلم, أنا أميل للتيار الليبرالي
سياسيا, انتخبت محمد مرسي على كراهة في الجولة الثانية من الإنتخابات الرئاسية
المقرفة..... كراهة لأن يكسب أحمد شفيق.... و ربما لو عاد بي الزمن و أنا أعلم ما
أعلم لقاطعت هذه المهزلة برمتها
أما بعد..... فبالأمس خطبنا وزير دفاعنا بما
تعلمون,,,,,, و حقيقة أنا لا أهتم البتة بما إذا كان ذلك انقلابا عسكريا أم زخما
ثوريا..... تعلمت أن أستبعد المشاعر بعض الشيء و أن أنظر لوقائع الأمور على الأرض,
فالسياسة فن الممكن و ليس فن الأماني........ جل ما أهتم به هو الإجابة علي سؤالين
أزعم أن إجابتهما (من وجهة نظري كثيرة الخطأ كما أسلفت) في هذا المقال:
ما هو الهدف انطلاقا من هذه النقطة؟
ما هو سبيل تحقيق هذا الهدف؟
يستتبع ذلك تحديد النقطة التي نقف عندها
مصر الآن تواجه وضعا مستغلقا..... حالة سيولة
ثورية فى القاعدة و حالة ضعف شديد فى القمة...... ضعفا إقتصاديا بالغا مع ضعف فى
الموارد...... عدم وضوح فى الرؤية
الداخلية و الخارجية حتي لمن يملك السلطة...... و الأسوأ من كل ذلك انقساما
اجتماعيا شابه دم فى بلد يعد غالبية سكانه أن الثأر شرف
ذلك حيث نقف إن لم تكن تخالفني
الرأي............... فماذا نريد من هنا؟
نريد أن نعكس الوضع السابق ذكره..... هكذا
ببساطة... نريد استقرارا فى الشارع و قوة فى السلطة مع نمو إقتصادي صحي (+6.5% على
أقل تقدير لأربع سنوات متتالية) مع تحديث و دعم مواردنا البشرية (كبيرة العدد
ضعيفة الفاعلية من الناحية الإقتصادية) و كذا مواردنا الإقتصادية و
الإنتاجية...... تحديد استراتيجية وطنية لبلد فقد بوصلته منذ عقود 3 على
الأقل........ ووحدة إجتماعية و قبول عام لنتائج الديموقراطية
لا يمكن أن نتجاوز ذلك إلا بأن نري ماذا فعل
محمد مرسي فى أيام حكمه ال369
محمد مرسي ربما سيوسم فى كتاب التاريخ للصف
الأول الإعدادي بعد عدة سنوات بأنه أغبي حاكم جاء مصر... لا أقصد إهانته و لا
يعنيني شخصيا كي أهينه أو أكرمه...و لكنها حقائق الأمور.......... رئيس جاء كأول
شخص ينتخب فى أقدم دولة فى الكوكب انتخابا نزيها و ديمقراطيا من جماعة حاربت ثماني
عقود لتثبت أن لديها ما يحمل البلاد لمصاف العظمة, و يأتي بدعم شعبي محدود و لكن
على أسنة ثورة قام بها شباب من كافة التيارات, بمعني أن حطب الأمة معه, يؤيده و
يعمل لأجله............... و يسقط هذا الشخص بأكبر مظاهرات خرجت لهدف واحد فى
التاريخ بعد 12 شهرا من حكمه جل من شارك فيها من ناخبيه!!.... عليك أن تكون معتوها
لتتخيل أن ذلك قد تم دون أن تكون له اليد الطولي فى هذا
يحلو (و سيحلو للكثير أن يلوك هذا فى المستقبل)
أن يقول أن مرسي لم يأخذ فرصته و أنه قد ظلم و أنه قد حورب و أنه........ و قد
يكون بعض ذلك أو كله صحيحا و لكن الحقيقة و الثابت أنه لم يحاول أبدا بإخلاص
لينجح... لينجح فى منصبه كرئيس للجمهورية و ليس كمندوب لأسوأ مكتب إرشاد فى تاريخ
جماعة الإخوان المسلمين.... المكتب الذي سار أفراده بحنكة و تؤده على طريق إضاعة
أمانة البلاد التي أوسدت إليهم فى ساعة سوداء.... فوضعوا البلاد بيد حانية على أول
الطريق الصحيح للحرب الأهلية
و قد عرفنا الهدف,, فما السبيل؟
باختصار, لا سبيل لتحقيق الأهداف إلا
بترتيبها من حيث الأهمية و العجلة.... تحقيق السلم الإجتماعي و وقف نزيف الدم لا
يلي أي شيء آخر و أظن أن ذلك يجب أن يتم بالخطوات التالية المتسقة مع واقع الأحداث
بعد بيان السيسي:
·
لا بد من تحييد "كل" قادة الإخوان الذين
تزعموا تفجير الموقف فى الشهور الست الأخيرة و على رأسهم الباقي من مساعدي الرئيس
و قادة مكتب الإرشاد و الجناح الإعلامي لهم (أقول ذلك و أنا كاره له و غير راغب
فيه.... إنه وضع سخيف و لكن الأمر حقيقة أصبح مهددا لبقاء هذه الدولة موحدة)
·
لابد من دعم باقي الجناح المحافظ سياسيا و معنويا لأنه
سيقع (و يقع بالفعل) تحت ضغوط هائلة من الأجنحة الأكثر محافظة
·
غالبا (و بكل أسف) سوف تقع أعمال عنف منظمة (تفجيرات أو
اغتيالات) أرجو أن نتمكن من منعها جميعا و لكن وارد ألا نتمكن من ذلك, عند إذ
فسرعة المحاكمات و الأحكام الرادعة ضرورة لا غني عنها
·
قبل كل ذلك, لابد و لا مفر من الإتصال بقيادات صغري و
وسيطة فى جماعة الإخوان المسلمين و التحدث معهم و مناظرتهم عل و عسي أن نتمكن من
نزع فتيل الأزمة معهم أو مع بعضهم أو أن نجد فيهم ناجح إبراهيم آخر (أنا أحترم هذا
الرجل كثيرا, و أظن له دور فعال يمكن أن يقدمه فى هذه الأزمة).
·
يجب أن يكون هناك مدخلا آمنا لمن يريد أن يعمل سياسيا و
لا يلجأ للعنف,,,, هذا الأمر ضرورة حياة و هو فى يد القوي السياسية كلها,,,,,
إجتذبوا اليمين المحافظ بكل الوسائل للمطبخ السياسي
إذا تحقق الهدف الإجتماعي, فالباقي هين
قد أكون مخطئا فيما ذهبت إليه و لكنني أعتذر
لكم بما أشعر به من خوف على أهلي و بلدي........ السلام لمصر