بكل آسف شاهدت الفيديو الذي أطلقته جماعة أنصار بيت المقدس سابقا فرع داعش في مصر حالياً و هو 29 دقيقة و 56 ثانية مؤسفة بكل المقاييس و على كل المستويات. مجموعة من المهاوييس بالقتل و الدم و السلاح و ازهاق ما جعله الله أقدس من الكعبة.... دماء المسلمين المعصومة بكلمة لا إله إلا الله و التي اهدرها هؤلاء الناس.
مبدئياً لا أنصح أحد بمشاهدته و لن أضع رابط له هنا و أتمنى على الأصدقاء ألا ينشروه لأسباب عديدة أهمها أن نحترم دماء الشهداء التي سالت ظلماً و عدوانا و كفراً بأنعم الله. ثانياً لأنه سيؤرق عليكم حياتكم بأكثر مما هي مؤرقة. و ثالثا لأنه رغم ما فيه من مشاهد صعبة إلا أنه لا يعدو فاصلا اعلانيا استفزازيا من داعش و ربما جزء من عملية حشد بائسة لمظاهرات في خلال أيام معدودة.
و لي عدة تعليقات على الوضع الحالي الذي لا يشكل هذا الفيديو فيه إلا عنصراً من عناصر اخري... ألخصها فيما يلي
أولاً: داعش و أخواتها لا توجه حربها ضد الدولة أو الشرطة أو الجيش. قد يكون ذلك صحيحاً فيما مضى و لكن بدءاً من عملية رفح الأولى فإن المستهدف هو المصريين عامة و لا أقول الدولة.... فالشعب أشمل من الدولة لو كنتم تعلمون و هو الهدف الأساسي. هم يظنون أو يدعون أنهم يحاربون من أسقط حكم الإسلاميين بزعمهم و يلومون الجميع على ذلك. هي حرب واضحة المعالم مكتملة الأركان ضدي و ضدك و ضد أولادنا و أهلينا
ثانياً: هؤلاء القوم مدعومون لا مراء. المعدات و الخطط و التجهيزات تتخطى مجرد تمرد مسلح. هذا جيش مدرب له تكتيكات الجيوش النظامية و لكنه يتبع أنظمة حروب العصابات التي ابدعها هوشي منه في فيتنام. و هذه التكتيكات تضرب الجيوش النظامية بعنف. صحيح أن الجيش النظامي أكثر قدرة و قوة نيرانية إلا أن الحروب لا تنتهي بفناء جانب ما و إنما بتحقيق الهدف الإستراتيجي من الحرب. لذا علينا ألا ننخدع بقدرات الجيش دون حساب الهدف الإستراتيجي من هذه الحرب
ثالثاً: دعم الجيش في هذه المرحلة أمر لا ينبغي الاختلاف عليه من الأساس. و لكن شكل الدعم الحنجوري المتمثل في الاغاني الوطنية و الصياح و الهتاف و مسيرات التأييد مضر أكثر مما هو نافع و يشبه حب الدب لصاحبه.... الدعم يكون برأيي بالمساعدة في كيفية تخطي القصور الموجود لدينا -و لدينا منه الكثير- و عدم السماح للعدو -هو كذلك بالفعل.... عدو - بالحصول على أي مكاسب إعلامية أو اجتماعية أو حتى معنوية. مطالبة الجيش بالتركيز بل و التفرغ لمهمته الأساسية الآن في الدفاع عن الوطن و سلامة أراضيه -حرفياً- هو الوسيلة الوحيدة لضمان كسب هذه المعركة. الاصطفاف الوطني ليس معناه الهتاف بحياة القائد و إنما التأكد من أنه يقوم بعمله كما يجب و مساعدته على ذلك.
رابعاً: القيادة.... الحرب تخاض بالجنود و لكنها تكسب بالقيادة. قيادة الدولة و الجيش تحتاج أن تعي أن المعركة الآن و قد صارت عسكرية تحتاج إلى الدعم السياسي و أن الأخطاء السياسية العديدة التي ارتكبت على مدار الشهور الأخيرة أصبحت ترفا لا نقدر على كلفته. لا أرغب أبدا في سقوط النظام -الذي اعارضه شخصياً- لأن تكلفة ذلك أكثر مما نطيق كبلد
خامسا: الصراع ليس على الأرض و لا على العقيدة مهما حاول أي الأطراف تصويرها هكذا.... هي حرب على الأنصار و الأتباع. حرب على أسلوب الحياة الذي يبشر به كل جانب.... جزء كبير من كسب المعركة في بيان أن الجانب الذي امثله يقدم للاتباع و الأنصار ما لا يقدمه الآخر. لذا ترى إعلانات داعشية عن وظائف بمرتبات خيالية و سبايا النساء و فيديوهات لهواة القتل الجماعي و آخرا جنة عرضها السموات والأرض يعدون بها من يقتلون من يقول لا إله إلا الله! لن تكسب هذه الحرب بأن تقمع و ترفض من يقف معك و ينتقد أداءك الركيك. لن تكسب الحرب بأن تستولي على كل شيء و تصادر على كل الأصوات بدعوى ألا صوت يعلو على صوت المعركة. تكسبها بأن تكسب الناس في صفك... ليس بخوفها على أبنائها من الاعتقال و لكن بخوفها على أن تفقد ما تقدمه انت لها من حياة طيبة و استقرار و رخاء
سادساً: هذه حرب ثقافية, بظهير ديني و إعلامي. لا تخوضها دون خطاب ديني قوي و راسخ و معتدل. لا تخوضها دون إعلام صادق محل ثقة من الجماهير لكفائته و صدقه لا لغوغائيته و تفاهته. أحمد موسى و رولا خرسا و توفيق عكاشة و مرتضى منصور و من على شاكلتهم لا يملكون إلا أن ينشروا فتنة. لو أن لي الأمر لألحقتهم بصفوف العدو و ضمنت نصف النصر. الأزهر الآن دوره.... إما أصلح نفسه و أصلح خطابه و نقى منهجه و مناهجه أو سيفقد مكانه و سيصبح كنيسة للذكريات.
سابعاً: للأسف..... هناك من سيخونون أفكارنا و ينضمون للجانب المعادي.... سيحدث هذا دائما و هو سمت البشر. و لكن تذكر أن هذا الباب يفتح في الاتجاهين، فكما ستفقد انصارا من صفوفك تستطيع أن تكسب أنصار من صفوف العدو.... الأمر رهن بذكائك و بما انت قادر على القيام به. و لا ينبغي أن يكون شعبا و مجتمعا مثل هذا مهما بلغ ضعفه و تفسخه أن يكون أقل ذكاءً من عصابات، منظمة و مسلحة و مستعدة و لكنها تظل مجرد عصابات
أن الله ينصر المؤمنين..... الأكثر إستعدادا و تجهيزا و اجتهادا. و لا ينصرهم لأنهم فقط يظنون ظناً أنهم الأجدر بهذا النصر.... هذه حرب وجود.... لا ينتصر فيها أفضل ثوالث
لله الأمر من قبل و من بعد....