*هل أصبح سقوط الأنظمة
هدفا و ليس وسيلة؟
أسوأ ما في الإحتجاجات
و الثورة في بلد مثل مصر هو الإمكانية الفعلية للنجاح "السهل نسبيا" لقوى
الثورة و الإحتجاج خصوصا مع نظام هش و مستهان به كنظام الحكم الحالي, و رغم ذلك تكون مرارة الإنتصار بالغة حين تعلم أنه لا توجد
إجابة للسؤال "و ماذا ستصنع بعد نجاح الإحتجاج؟"
إن عمق فساد البذرة
يجعل الإحتجاج هدفا و ليس وسيلة,,, مجرد إنتقام من سلطة صارت "لا بتنفع و لا
بتشفع" دون وجود أهداف ممكنة التحقق بغير تكلفة لا يستطيع أحدد أن يدفعها و
يسير الكل في طريق سدادها دون كلل!!
مثلا... سقوط نظام الحكم
العسكري سهل بلا شك... هو برأيي أسهل من سقوط أسلافه... و سقوطه يبدو منطقيا جزاءا
وفاقا للقتل و القمع و الظلم و العبط... و لكن هل سقوط نظامه سيأتي حين يأتي كجزء من خطة؟
لا... بل سيكون غالب الظن كسقوط الدمل... "هينشف و يقع".
و سيكون سقوطه محل
ترحيب من الغالبية مثلما كان مجيئه محل ترحيب من الغالبية, الغالبية التي تحكم في
الكتب و صناديق الإنتخابات و على شاشات التلفاز و لكنها في الحقيقة أداة. سيكون
سقوطه كما بدا سقوط مرسي و مبارك قبله... "هدفا" و ليس وسيلة
لا خلاف على أن النظام
الظالم عليه أن يذهب, بل إن الغباء سببا كافيا لرحيل النظام, و لكن ربما علينا أن
نفكر أولا... هل بالغنا حين إستخدمنا كلمة "نظام"؟؟ إذ يبدو أنه لا نظام
في "النظام"
سيرحل زيد و سيأتي
بكر... و ربما بعدئذ يأتي عبيد... و لكن ما العيب... أليس ذلك سمت "الديموقراطيات" ؟؟!
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
*المؤسسات غير الكفء تؤسس لسقوط الحكم
*المؤسسات غير الكفء تؤسس لسقوط الحكم
الحقيقة أن الديمقراطيات
في الشرق و الغرب ليست أفرادا... لذا حين يذهب هؤلاء الأفراد فلا توجد مشكلة...
هناك مؤسسات تعمل ب"كفاءة" ... فمع تعمق الكفاءة الفردية و الجماعية في
المؤسسة الخدمية أو الحاكمة, تصير أهمية الفرد الحاكم أقل... فيمكن الإستغناء عن
وزير أو رئيس وزراء أو رئيس دولة لخطأ إرتكبه, بل و محاكمته و حسابه دون ضرر ما
على البلاد
أما حين يتأكد المبدأ
اللويسي.. "je suis l'etat et
l'etat c'est moi " و الذي سبق الثورة
الفرنسية و عقودا من فوضى الحكم في أوروبا, فالنتيجة الحتمية لسقوط
الشخص/النظام/الدولة هو سقوط الدولة و تفسخ المجتمع
لم و لن تصبح
مصر-إجبارا أو إختيارا- مثلما كانت قبل 25 يناير... يمكنك أن تعترض, أو تعتبرها
مؤامرة أو ما شابه... كل هذا لا يهم حقا... فتعاملك مع الفيل على أنه عصفور لن
يفلح غالبا بإقناع الفيل بالطيران نهاية الأمر... و لكن مثلما تغيرت مصر للأبد بعد
52, تغيرت ثانية بعد 25 يناير.. بل و لازال التغيير مستمر لبعض الوقت و سيكون
مؤلما لبعض الوقت أيضا


سيكون هناك ثمن يُدفع
دائما, الثمن يتأثر بعوامل التضخم كما تتأثر كل الأشياء, لذا يزداد مع الوقت..
يتناسب الثمن عكسيا مع الشفافية و رشادة الحكم و طرديا مع الفساد المؤسسي
يقل الثمن تماما مع
وجود مؤسسات مدنية للحكم... و يتزايد مع العداء المتزايد لمؤسسات الحكم المدنية و
عسكرة كل مناحي الحياة...
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
*يصبح الإحتجاج هدفا إذا صارت المؤسسات غير كفئة و السلطة مفتتة
*يصبح الإحتجاج هدفا إذا صارت المؤسسات غير كفئة و السلطة مفتتة
في نهاية الأمر يبقى
هناك إمكانية لبناء المؤسسات المنهدمة أو إصلاح الموجود منها و لو على فترة من
الزمن... أما الخطر الحقيقي برأيي فيتمثل فيما عبر عنه ضابط المخابرات الحربية في
رواية الديبلوماسي الأديب "عز الدين فشير" الأشهر "باب
الخروج" تحت بند "تفتت السلطة"
تفتت السلطة لم
يكن أبدا بسبب 25 يناير, بل سبقها.. تفتت السلطة يتسبب فيه دائما الممسك بها و ليس
الخاضع لها. منذ بدء الألفية و قد بات واضحا أن الحاكم لا يصلح للحكم و أنه صار
يشكل حيزا في الفراغ, و تمددت الداخلية في فراغها و الجيش في فراغه المتعاظم أساسا
و البيروقراطية في فراغ آخر و هكذا حتى أصبحت مصر محكومة بمماليك ملوك الطوائف كل
يحكم فيما يملك
و ما كان صحيح منذ
16 عاما لا يزال صحيحا اليوم, لا توجد سلطة واحدة تحكم, و تشتعل حرب ملوك الطوائف
في جبهات عدة على الغنائم و الحاميات.. السلطات الثلاثة دخلت في علاقات غير مشروعة
بهدف حماية مصالحها الضيقة التي لن تستمر في دولة تفتت سلطاتها و صارت أرخبيلا من
الحكومات متفاوتة القوة. إن تتابع الأنظمة و ضعف المؤسسات خطرا, إلا أنه لا يقارن
بخطر تفتت السلطة و تآكلها في دولة مثل مصر.
على النظام الحالي
مسؤولية ضخمة في إجبار مؤسسات الدولة على العمل معا و تقليل المظالم و أسباب
الثورة و إلا فإنه ليس فقط يؤسس لسقوطه البديهي, بل يؤسس لعقود من دولة فاشلة لا
يرغب فيها أحد حتى من سيثورون عليه... و على من سيثورون عليه أن يجيبوا على السؤال
في أول فقرات المقال...