كتب أحدهم في يوم ما مقولة بهذا
المعنى..." في أي مجتمع هناك 10% من الأشخاص سيطيعون القانون في أي وقت, و
هناك 10% من الأشخاص سيخالفون القانون في أي وقت, ال80% الباقية ستطيع القانون ما
كان سيفه مشهرا و ستخالفه ما كان سيفه مغمدا".... أو شيء بهذا المعنى ... إنه
منحنى الجرس الإحصائي الشهير....
القانون.... الكود.... القواعد الأساسية....
مجموعة الأشياء التي اتفقنا جميعاً ضمناً أو فعلاً على أنها حاكمة و غالبة على ما
سواها.... القانون في بلاد أخرى هو عاداتهم و تقاليدهم.... القانون في بلادنا هو
مطية من لا مطية له, كذلك جعلناه
لماذا القانون مهم؟؟
لأنه ببساطة هو الغراء الذي يلصق الشخص
بالشخص فيصير هناك ما يُعرَف بالمجتمع.... بدون قانون لا يوجد مجتمع... ستجد فقط
ما تجده أمامك الآن. القانون هو الأمور التي تميزنا و تجعلنا مجتمعا له خصائص... و
ربما أيضا تميزنا نوعاً ما في مراحل متقدمة عن باقي الزملاء من مملكة الحيوان
كان من النكات المفضلة في العهد المباركي
الأول أن مصر دولة قانون و دولة مؤسسات.... هي نكتة مضحكة لم تفشل أبدا في رسم
البهجة على وجوه الكثير, و لكن ما كان حقاً يجعلني أقهقه نكتة "و القضاء
لدينا مستقل"..... لا تزال هذه النكات صالحة في العهد المباركي الثاني.
خلق الله الكون بسنن لا تتبدل.... إذا إجتهدت
فستنجح.... هذه سنة الله في خلقه... إذا تكاسلت فستفشل... هي قواعد سنها خالق
الكون لكونه و هذا شأنه.... ليس للأمر علاقة بالإيمان و الإنكار..... هي سنن و
مواعيد ربانية.
في مصر لدينا من القانون ما يكفي للتصدير...
نحن نحب القانون حب الخادمة للخرقة.... نحب أن يكون لدينا خرق عديدة نهينها و نمسح
بها بلاط البيت.... ثم نلقي بها جانبا...
من يملك إهانة القانون في مصر؟؟
الكثير حقا... إنه طابور طويل, يقف على رأسه
مشرعو القانون و واضعوه... الحكومة و الدولة و السلطة التنفيذية هي أول مخالف
للقانون و لكل قانون, هي من مجموعة ال10% الثانية التي ذكرتها في أول المقال... فلو
كان رب البيت للدف ضارب, فشيمة أهل البيت كلهم اللامؤاخذة. يليهم رجال القانون
بدفتيه.... القانون نَص و لكن نصوصه في الدرجة الثانية بعد روحه... و نحن نخنق روح
القانون صبيحة كل يوم لمجرد المتعة
يصدر السيد الرئيس جامع السلطات و بديل
البرلمانات كل يوم قوانين جديدة.... لا أذكر منها إلا القليل مما هو فوق مستوى
الشبهات الدستورية.... هكذا فعل سلفه. الحقيقة المؤسفة أن مبارك هو آخر رئيس إحترم
القانون نوعا ما و لم يمسح به بلاط الوادي و الدلتا و لكن دعوات الإنجاز تبدو
براقة... و لكنها باطلة عزيزي الدوق.... فالدستور الذي عليه اتفقنا و به قبلنا حتى
و إن رفضنا معطَلٌ إلا قليلا.... و لم يعدم هؤلاء أن يجدوا من يقول أن الموعد الفلاني
"تنظيمي" و هذا "إقتراحي" و آخر "عبثي" ... فيجوز
للحكومة ألا تقدم مقترح الموازنة في موعدها و لا حرج.... و يجوز التغاضي عن
إقرارات الذمة المالية و لا حرج.... بل يجوز ألا يكون لديك برلمان يمثل المجتمع
للعام الرابع على التوالي بنجاح منقطع الجماهير و لا حرج.... الحرج هرج و اللي
أختشوا بقوا في الحمام و ماتوا. و يجوز للمحكمة الدستورية أن تخالف حكم النقض بكشف
مرتبات أعضائها و لا حرج... حتى و إن كانت مرتبات أعضائها تلك تسدد من جيب
الشعب... أو من صناديق خاصة هي أيضا من جيب الشعب... و لكن دعونا نتفق أنه ليس
هناك شعب... فلا حرج
يسألونك عن التقدم قل إذهب إلى أي محكمة.....
دعك من الحاجب و من المتهم و من المحامي.... بل و دعك من القاضي... أنظر خلف
الأخير ستجد يافطة كبيرة تقول "العدل أساس الملك"..... حتى لحظة كتابة
هذه السطور ليس العدل إلا أثاث الملك... يغطيه ببياضات حتى لا يطوله التراب....
ديكور
حيثما وجدت هذه اليافطة على أرض الواقع...
فثَم دولة القانون.... و ثَم أرض الحق....
حتى ذلك الحين, بالله عليكم لا تذكروا
القانون بسوء و دعوه يرقد في سلام.....