السبت، 5 مارس 2016

سفر الخروج

عدد كبير من الأصدقاء على تويتر كانوا بيسألوا عن موضوع الهجرة لأستراليا و أسئلة أخرى عن الهجرة عموما... لقيت إنه من الأسهل كتابة مقال به كل المعلومات المتاحة لدي و اللينكات عل ذلك يكون مفيدا

بداية, نبذة سريعة كدة عن المسألة ككل.....

المَهَاجر كثيرة و متنوعة و أشهرها الولايات المتحدة و كندا و أستراليا و نيوزلندا و كذلك عدد من دول القارتين الأوروبية و الأمريكية الجنوبية,,, و لكن لأسباب ثقافية و لغوية يلجأ عادة المصريون للمهاجر الأشهر و الأسهل و الأكثر عدالة بين المتقدمين للحقيقة و الدول الثلاث الأولى فيما ذكرت... أوروبا أيضا مَهجر متميز الحقيقة خاصة فيما يخص الأجواء العامة و القرب من الوطن الأم لكن الأزمات الإقتصادية و السياسية التي أثرت على القارة العجوز جعلت الهجرة إليها -و خاصة في ظل تداعيات الأزمة السورية- أصعب بخلاف حدوث تطور واضح في الزينوفوبيا داخل أوروبا و بالأخص في وسط أوروبا "النمسا و ألمانيا و ربما فرنسا" "الزينوفوبيا هي كراهية و معاداة الأجنبي"

للأمانة الزينوفوبيا موجودة في كل دول العالم... موجودة في أوروبا لأسباب ربما إقتصادية و إجتماعية و لكنها أيضا موجودة بدرجات متفاوتة في الولايات المتحدة و بدرجة أقل في كندا و أستراليا و هكذا... كما أنها موجودة في بلادنا العربية بل و ربما تكون في تنامى ملحوظ لكن الغرض مرض...

فيما يخص الولايات المتحدة, فهي الوحيدة التي تتبع نظام القرعة الموجهة, حيث تتساوى نظريا فرص كل المتقدمين للهجرة التي تمنح الإقامة ل55000 شخص من كافة أنحاء العالم... نصيب مصر منهم متذبذب و لكن أظن أنه في حدود 2000-4000 شخص سنويا... و لك أن تتخيل رغم النسبة الكبيرة نسبيا إلا أن عدد الراغبين في التقدم عشرات أضعاف هذا الرقم... ليس غريبا أن تجد شخصا تقدم للقرعة "المعروفة بإسم ال DV Lottery" عشر سنوات متصلة و لم يحصل عليها و غيره حصل عليها من المرة الأولى...

فيما يخص كندا و أستراليا و نيوزلندا فهم يعملون بنظام النقاط,,, أي أنهم يقيمون المتقدمين على أساس من نظام نقاط مئوي عادة ما ترتبط نقاطه بالمؤهل و الخبرة و الحالة الإجتماعية و السن و خلافه....

ما سيتم التركيز عليه هنا هو الهجرة لأستراليا كنموذج... هناك روابط سيتم وضعها في نهاية المقال لتكون مفيدة للباحث الجاد

قبل أي كلام... الهجرة ليست تجربة ... بمعنى أنه لا ينبغي أن تقدم -برأيي- على الهجرة إلا إذا كنت فعلا وصلت لقناعة أن هذا هو الطريق الذي ترغب أنت - و أسرتك لو كان لك أسرة- أن تمشي فيه... بخلاف الولايات المتحدة, فإن الأمر له تكلفة نفسية و عصبية و مالية ثقيلة... فليس من الحكمة أن تخوض الطريق و تدفع تكلفته ثم تحجم عنه في نهاية المطاف... لذا لزم التنويه

الكلام القادم موجه لمن يجد في نفسه عزما للسفر و يحتار فيما يخص أستراليا....

أستراليا قارة /دولة/جزيرة... صفها كما شئت مما سبق, هي تماثل 9 أمثال مساحة مصر أو يزيد, يسكنها أكثر قليلا من عدد سكان القاهرة و زوارها. مدنها تقريبا بالكامل على المحيط الخارجي للجزيرة و جزء كبير من قلب القارة صحراء...

تستقبل أستراليا المهاجرين من شتى أنحاء العالم بنظام نقاط شبه موحد يعتمد النظام بالأساس على نوعين من الكفالة "sponsorship"... الأول هو الفيدرالي, بمعنى أنك تتقدم للهجرة بكفالة الحكومة الأسترالية و الثاني بكفالة إحدى الولايات... رغم ذلك لا يوجد محاذير على تواجدك أو عملك بولايات ما لو أنك في كفالة ولاية أخرى, لم أجد فروقا كبيرة بين النظامين إلا في حالة وجود وظائف مفتوحة في إحدى النظامين تناسبك أكثر من الأخر... خصوصا و أنه في بعض الأحيان يكون أحد النظامين مقفل لسبب أو لآخر

تستقبل أستراليا المهاجرين تحت نظام "المسمى الوظيفي" و هو نظام لا علاقة له على الإطلاق بتوفير فرصة عمل... و لكنه يعني تقسيم المتقدمين حسب خبراتهم المهنية في إطار ما يعرف ببرنامج هجرة العمال المهرة أو اختصارا ب "Subclass 189".. هناك أنظمة أخرى لحالات مختلفة مثل "Subclass 190" و "Subclass 485" و لكننا سنركز هنا على ال189 نظرا لأنها ربما الأكثر إنتشارا للحالات العامة.

المسمى الوظيفي يعني ببساطة أن الحكومة تضع عدد من الوظائف -طبقا للإحتياج الداخلي للبلد- ضمن الباقة المفضلة, فمثلا تحتاج إلى مهندسين ميكانيكيين و محاسبين ماليين و طباخين و خبازين و ممرضات و و و إلخ, فتتقدم انت تحت أي من هذه المسميات للهجرة إذا نجحت في تحقيق الشروط... فكيف يسير الأمر؟؟

يفترض هذا المقال وجود محامي هجرة مع المتقدم. الأخوة الأطباء لهم وضع خاص و لا يتقدمون من خلال نفس الطريق المعتاد و لكن لهم إجراءات خاصة سيتم الإشارة إليها في نهاية المقال

يقوم المتقدم أولا بكتابة سيرة ذاتية كاملة باللغة الإنجليزية و من خلال الموقع الخاص بالهجرة الأسترالية يتم التعرف على المسميات الوظيفية المتاحة في وقت التقديم و يتم التقديم تحت المسمى الأقرب لها من خلال شرح المسمى الوظيفي و الموجود على الموقع.

في الإجمالي يحتاج المتقدم لتجميع 55 و نقطة طبقا للنظام الساري الآن, هناك نقاط للسن "مثلا أقل من 24 سنة يحصل على 25 نقطة من 25-32 يحصل على 30 و من 33-39 يحصل على 25 و فوق 40 يحصل على 15 نقطة" و هناك نقاط لإتقان اللغة الإنجليزية من خلال إختبار ال IELTS الشهير "حيث تشترط أستراليا درجة لا تقل عن 6/9 و يحصل المتقدم الذي يحصل على 7/9 على 10 درجات إضافية  و يحصل من يسجل 8/9 على 20 درجة إضافية" ثم هناك درجات للمؤهل الدراسي "هناك درجات لليسانس أو البكالوريوس أو الدكتوراة و لا توجد درجات للماجستير" علاوة على نقاط لسنين الخبرة بحد أقصى 8 سنوات و لا توجد درجات إضافية لما زاد على ذلك

أول خطوة هى إعتماد سنين الخبرة, فلو أن المتقدم يزعم إمتلاكه 10 سنوات خبرة مثلا في وظيفة ما, تحدد الحكومة الأسترالية جهة إعتماد لكل مسمى وظيفي تقوم بتقييم المتقدم و خبرته و إعتماد هذه الخبرة من عدمه... مثال, المهندسين يتم تقييمهم من خلال "Engineers Australia" و هي تعادل مثلا نقابة المهندسين لدينا و هي تتطلب من المتقدم تقديم ورقة عن عدد محدد من المشروعات التي شارك فيها بصياغة معينة و يتم إعتماد الخبرة من الحكومة الأسترالية بناء على إعتماد هذه الجهة... مصروفات الإعتماد تقع على عاتق المتقدم و هي تتراوح بين 400-800 دولار أسترالي حسب الجهة في أغلب الأحيان

بعد إعتماد الجهة المعتمدة لسنوات الخبرة, يتم تقديم ما يسمى "إبداء الإهتمام" من المتقدم للهجرة و هو ببساطة تعبير المتقدم عن رغبته في الهجرة لإستراليا طبقا للنظم و تقوم الحكومة حينئذ بتقييم النقاط الخاصة بالمتقدم, فإذا كان مجموع النقاط 55 نقطة أو أكثر يمنح المتقدم 60 يوما لسداد المصروفات للحكومة لإستصدار الفيزا... بالطبع هناك فترات بينية بين كل مرحلة و أخرى تتراوح بين شهر و 3 شهور حسب الضغط على إدارة الهجرة من أعداد المتقدمين.

الفترة القياسية بين أول خطوة و بين الحصول على الهجرة تتراوح بين 9 و 15 شهرا حسب الأعداد و مدى جاهزية أوراق المتقدم

ما هي الأوراق التي تحتاج لتجهيزها قبل التقدم بطلب الهجرة أو البدء بالإجراءات؟

ينصح بأن يكون لدى المتقدم الأتي قبل البدء في الإجراءات حيث أنه سيوفر وقتا ثمينا "جميع التراجم المطلوبة معتمدة من مترجم معتمد و جميع الوثائق باللغة العربية سيتم مسحها مسحا ضوئيا"


  • شهادات الميلاد الأصلية لكل المتقدمين "بالغين و أطفال" باللغة الإنجليزية أو مترجمة لها ترجمة معتمدة
  • شهادات التخرج التي تثبت المؤهل للزوج و الزوجة "بالإنجليزية أو مترجمة"
  • بطاقات الرقم القومي للزوجين و جوازات السفر للبالغين و الأطفال "الرقم القومي مترجما أيضا"
  • وثائق الزواج / الطلاق مترجمة بالإضافة للوثيقة العربية
  • شهادة الموقف من التجنيد للزوج "أصل + ترجمة"
  • شهادات خبرة من جهات العمل المتضَمنة في السيرة الذاتية + إثبات سداد مرتب "تحويلات على البنك مثلا" و جميعه بالإنجليزية
في خلال 60 يوما من ورود الموافقة على طلب إبداء الإهتمام يقوم المتقدم بسداد المبالغ الأتية من خلال موقع الحكومة بإستخدام الكريديت كارد 
المتقدم يدفع 3600 دولار أسترالي
الزوج/الزوجة 1800 دولار أسترالي
900 دولار أسترالي لكل طفل

بالطبع هناك مشاكل الآن في السداد نتيجة تضييق الحكومة المصرية على الدولار و العملة الأجنبية بصفة عامة.

بعد السداد يتم إجراء كشف طبي للمتقدمين من خلال مراكز محددة يتم تسميتها من خلال الحكومة الأسترالية, كما يتم عمل فيش و تشبيه للزوجين

حين يتم منح الفيزا يتم إحتساب تاريخها سريانها من تاريخ الكشف الطبي

بمجرد الوصول للاراضي الأسترالية يتم منح إقامة مدتها 5 سنوات لكل من قام بالوصول, في حالة إمضاء عامين من الخمسة داخل البلاد يتم تجديد الإقامة لخمس سنوات أخرى, في حالة إمضاء 3 من 4 سنوات يتم منح جوازات السفر. بعد الحصول على الإقامة يحق للمتقدم تقديم طلب حصول على فيزا خاصة للوالدين للقدوم لفترة تصل للعام في أستراليا, و لكن مع ملاحطة أنهم لا يخضعوا "الوالدين" للكفالة الطبية التأمينية في هذه الحالة

أرجو أن أكون قد أفدت

الروابط المفيدة
موقع الهجرة الأسترالي الحكومي الرسمي
https://www.border.gov.au/

هجرة الأطباء
http://www.doctorconnect.gov.au/internet/otd/publishing.nsf/Content/home

مكتب محاماة متخصص في أستراليا موجود بمصر و دبي
https://www.facebook.com/Deborah-Laws-Associates-Pty-Ltd-149101188464481/?fref=ts

الأحد، 21 فبراير 2016

تفتت السلطة ...و ما بعد الإحتجاج

*هل أصبح سقوط الأنظمة هدفا و ليس وسيلة؟
أسوأ ما في الإحتجاجات و الثورة في بلد مثل مصر هو الإمكانية الفعلية للنجاح "السهل نسبيا" لقوى الثورة و الإحتجاج خصوصا مع نظام هش و مستهان به كنظام الحكم الحالي, و رغم ذلك تكون مرارة الإنتصار بالغة حين تعلم أنه لا توجد إجابة للسؤال "و ماذا ستصنع بعد نجاح الإحتجاج؟"


إن عمق فساد البذرة يجعل الإحتجاج هدفا و ليس وسيلة,,, مجرد إنتقام من سلطة صارت "لا بتنفع و لا بتشفع" دون وجود أهداف ممكنة التحقق بغير تكلفة لا يستطيع أحدد أن يدفعها و يسير الكل في طريق سدادها دون كلل!!

مثلا... سقوط نظام الحكم العسكري سهل بلا شك... هو برأيي أسهل من سقوط أسلافه... و سقوطه يبدو منطقيا جزاءا وفاقا للقتل و القمع و الظلم و العبط... و لكن هل سقوط نظامه سيأتي حين يأتي كجزء من خطة؟ لا... بل سيكون غالب الظن كسقوط الدمل... "هينشف و يقع".


و سيكون سقوطه محل ترحيب من الغالبية مثلما كان مجيئه محل ترحيب من الغالبية, الغالبية التي تحكم في الكتب و صناديق الإنتخابات و على شاشات التلفاز و لكنها في الحقيقة أداة. سيكون سقوطه كما بدا سقوط مرسي و مبارك قبله...  "هدفا" و ليس وسيلة
لا خلاف على أن النظام الظالم عليه أن يذهب, بل إن الغباء سببا كافيا لرحيل النظام, و لكن ربما علينا أن نفكر أولا... هل بالغنا حين إستخدمنا كلمة "نظام"؟؟ إذ يبدو أنه لا نظام في "النظام"

سيرحل زيد و سيأتي بكر... و ربما بعدئذ يأتي عبيد... و لكن ما العيب... أليس ذلك سمت "الديموقراطيات" ؟؟!

--------------------------------------------------------------------------------------------------------
*المؤسسات غير الكفء تؤسس لسقوط الحكم
الحقيقة أن الديمقراطيات في الشرق و الغرب ليست أفرادا... لذا حين يذهب هؤلاء الأفراد فلا توجد مشكلة... هناك مؤسسات تعمل ب"كفاءة" ... فمع تعمق الكفاءة الفردية و الجماعية في المؤسسة الخدمية أو الحاكمة, تصير أهمية الفرد الحاكم أقل... فيمكن الإستغناء عن وزير أو رئيس وزراء أو رئيس دولة لخطأ إرتكبه, بل و محاكمته و حسابه دون ضرر ما على البلاد


أما حين يتأكد المبدأ اللويسي.. "je suis l'etat et l'etat c'est moi " و الذي سبق الثورة الفرنسية و عقودا من فوضى الحكم في أوروبا, فالنتيجة الحتمية لسقوط الشخص/النظام/الدولة هو سقوط الدولة و تفسخ المجتمع


لم و لن تصبح مصر-إجبارا أو إختيارا- مثلما كانت قبل 25 يناير... يمكنك أن تعترض, أو تعتبرها مؤامرة أو ما شابه... كل هذا لا يهم حقا... فتعاملك مع الفيل على أنه عصفور لن يفلح غالبا بإقناع الفيل بالطيران نهاية الأمر... و لكن مثلما تغيرت مصر للأبد بعد 52, تغيرت ثانية بعد 25 يناير.. بل و لازال التغيير مستمر لبعض الوقت و سيكون مؤلما لبعض الوقت أيضا
سيكون هناك ثمن يُدفع دائما, الثمن يتأثر بعوامل التضخم كما تتأثر كل الأشياء, لذا يزداد مع الوقت.. يتناسب الثمن عكسيا مع الشفافية و رشادة الحكم و طرديا مع الفساد المؤسسي

يقل الثمن تماما مع وجود مؤسسات مدنية للحكم... و يتزايد مع العداء المتزايد لمؤسسات الحكم المدنية و عسكرة كل مناحي الحياة...
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
*يصبح الإحتجاج هدفا إذا صارت المؤسسات غير كفئة و السلطة مفتتة
في نهاية الأمر يبقى هناك إمكانية لبناء المؤسسات المنهدمة أو إصلاح الموجود منها و لو على فترة من الزمن... أما الخطر الحقيقي برأيي فيتمثل فيما عبر عنه ضابط المخابرات الحربية في رواية الديبلوماسي الأديب "عز الدين فشير" الأشهر "باب الخروج" تحت بند "تفتت السلطة"

تفتت السلطة لم يكن أبدا بسبب 25 يناير, بل سبقها.. تفتت السلطة يتسبب فيه دائما الممسك بها و ليس الخاضع لها. منذ بدء الألفية و قد بات واضحا أن الحاكم لا يصلح للحكم و أنه صار يشكل حيزا في الفراغ, و تمددت الداخلية في فراغها و الجيش في فراغه المتعاظم أساسا و البيروقراطية في فراغ آخر و هكذا حتى أصبحت مصر محكومة بمماليك ملوك الطوائف كل يحكم فيما يملك

و ما كان صحيح منذ 16 عاما لا يزال صحيحا اليوم, لا توجد سلطة واحدة تحكم, و تشتعل حرب ملوك الطوائف في جبهات عدة على الغنائم و الحاميات.. السلطات الثلاثة دخلت في علاقات غير مشروعة بهدف حماية مصالحها الضيقة التي لن تستمر في دولة تفتت سلطاتها و صارت أرخبيلا من الحكومات متفاوتة القوة. إن تتابع الأنظمة و ضعف المؤسسات خطرا, إلا أنه لا يقارن بخطر تفتت السلطة و تآكلها في دولة مثل مصر.

على النظام الحالي مسؤولية ضخمة في إجبار مؤسسات الدولة على العمل معا و تقليل المظالم و أسباب الثورة و إلا فإنه ليس فقط يؤسس لسقوطه البديهي, بل يؤسس لعقود من دولة فاشلة لا يرغب فيها أحد حتى من سيثورون عليه... و على من سيثورون عليه أن يجيبوا على السؤال في أول فقرات المقال... 

الثلاثاء، 16 فبراير 2016

الدولار و سنينه

منذ نشأة الفصل الأخير من أزمة الدولار و تقريبا كل الناس بتتكلم في القضية دي, الكلام المكتوب هنا هو محاولة مبسطة لشرح فكرة الدولار و أزمته و ما يرتبط به من مفاهيم أخرى علها تفيد الناس اللي بتحاول تتابع الموضوع دة بقدر من التركيز... و بسبب كدة هتلاقي المقالة مكتوبة بالعامية قدر الإمكان
بداية كدة, خلونا من باب التبسيط نتخيل الدولار دة كسلعة.. زي الطماطم مثلا أو البطيخ... سلعة لديها قدر معين من الوفر "أو الندرة" في الأسواق... كمان خلينا نتخيل إنه زي المحول "Adaptor" اللي موجود في بيوت معظمنا و بنستخدمه أحيانا مع اللابتوب أو المكنسة الكهربائية أو خلافه عشان نقدر ندخل الفيشة بتاعة الأجهزة دي في الكبس اللي موجود في الحيطة


كل دولة من الدول بتقوم بإنتاج مجموعة مختلفة من السلع و/أو الخدمات بهدف الإستهلاك أو الحاجة... مصر مثلا بتنتج و بتصنع منتجات نهائية "مواسير, رادياتيرات, حلل, موبيليا... إلخ" و بتزرع منتجات "بطاطس, بصل, خضراوات, فاكهة,,, إلخ" و مستخرجات من الأرض زي البترول مثلا و خدمات "سياحة, قناة السويس... إلخ" و هي أشياء تستفيد منها لكنها غير ملموسة و بتدفع أموال للحصول عليها... و مثل مصر مثل كل الدول التانية في العالم غنية كانت أو فقيرة, متقدمة أو متخلفة

نظرا لإن موضوع المقايضة مش منطقى على كل السلع و الخدمات, قرر العالم إختراع شيء يكون وسيط بين كل الناس يتم استخدامه كوسيلة لتبادل السلع دي بينهم و بين بعضهم... كلمة سر لما أديهالك أخد منك كيلو برتقال و لتر بنزين و قصة شعر و أدفع أجرة الدكتور...



كل دولة بقت بتقوم بطبع ورقة ما و تسميها إسم ما و تبقى دي الوسيط بين الناس في التعامل و هذه الورقة هي ما أُصطلح على تسميته بالعملة.. مصر بقى عندها الجنيه المصري و أمريكا الدولار و فرنسا الفرنك و المانيا المارك "قبل ظهور اليورو" و هكذا ...

يجي السؤال المنطقي... ما قيمة هذه العملة؟ يعني إيه اللي يخلي كيلو الطماطم بجنيه أو بدولار أو بفرنك أو بأكثر أو بأقل؟؟ في البداية كانت العملة مصكوكة من معدن نفيس له قيمة في ذاته -الدهب أو الفضة مثلا- فكانت العملة تستقي قيمتها من هذا المعدن, ثم أصبحت تستقيها لاحقا من قيمة غطاء الذهب "و هو تعبير عن مقدار الذهب الذي تمتلكه كل دولة بيد بنكها المركزي أو ببنك الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي" و كلما كان غطاء الذهب الذي تمتلكه الدولة أكثر كلما كانت قيمة العملة ذاتها أكبر و العكس صحيح و بالتالي تتحرك قيمة السلع و الخدمات بالنسبة للعملة. لأسباب ما, بعد الحرب العالمية الثانية, تم التخلي عن غطاء الذهب كمقياس للعملة و أصبحنا في عالم أكثر إنتاجية و إستهلاكية نحتاج لمقياس جديد للعملة... و كان هذا المقياس هو الإنتاج

يعني ببساطة, قيمة عملة الدولة تٌقاس بمقدار السلع و الخدمات اللي بتنتجها كل دولة, فكلما زادت السلع و الخدمات تقدر الدولة من خلال بنكها المركزي و مطبعتها طباعة أموال أكثر.. و من هنا ظهرت أهمية فكرة مبدأ إستقلال البنك المركزي عن الحكومة

الحقيقة أنه طالما أن الدولة تقوم بمعاملاتها التجارية بالكامل داخل حدود الدولة, فلا توجد مشكلة ضخمة, يعني لو إننا نزرع ما نأكل و نلبس ما نغزل و نقحت ما نردم و الكلام دة فمفيش مشكلة فعلية, لإننا كلنا بنتعامل بعملة واحدة و هي الجنيه... أما نظرا لإن الواقع مش كدة و لإن كل الدول بتحتاج لمنتجات أو خدمات دول أخرى, فظهرت الحاجة لوجود ال "Adaptor" اللي قلنا عليه من شوية... دون الدخول في تفاصيل, المحول الموجود حاليا هو عدد معين من العملات على رأسها و أهمها على الإطلاق هو الدولار... تزيد أهمية الدولار مع زيادة العولمة و تحول العالم إلى حارة صغيرة. بالتالي, كل دولة تحتاج لشراء شيء ما من دولة أخرى تحتاج إلى هذا المحول... بالطبع في قيمة نسبية بين عملة كل دولة و بين الدولار.. كلما كانت الدولة لديها منتجات و سلع و خدمات عليها طلب أكثر يكون في إحتياج أكثر لها من الدول الأخرى يكون في دولار أكثر متجه إلى هذه الدولة و العكس صحيح... و بالتالي, كلما كانت هناك دولة بيتجه الدولار لها أكثر كلما كان هناك دولار متوفر لديها أكثر... و بالعكس كلما كان هناك دولة إحتياجها من الخارج للسلع و الخدمات أكبر, كلما كان إتجاه الدولار منها أكبر للخارج

لاحظ هنا إن مفيش دولة تقريبا لا تحتاج شيء من خارجها و مفيش دولة تقريبا ليس لديها ما تقدمه للأخرين... خدها قاعدة... بالتالي, هناك دائما دولار خارج و دولار داخل و العبرة بالمحصلة النهائية

طيب, دولة زي مصر تقريبا تستورد كل شيء مهم... بطبيعة الحال اتجاه الدولار خارجها قوي... و فيها طلب قوي "يعني سوق كبير و له إحتياجات من مأكل و ملبس و خامات و خلافه" فبالتالي الكل داخلها يطلب دولار ليأتي بإحتياجاته, فلما يكون الدولار متوفر و النسبة الداخلة منه إليها قريبة أو أكبر من الخارجة بقليل يكون سعر العملة بتاعتها مستقر... فكر هنا بقى في الدولار زي الطماطم... كل الناس محتاجة طماطم... كل الناس بتشتري طماطم... فالي عنده طماطم و طرحها للعرض و الطلب بيطرحها مقابل كمية أكبر من الجنيه و بالتالي يصبح الجنيه المدفوع مقابل الطماطم "الدولار" يزيد

مصر -للأسف- تحولت في عقود أربع مرت إلى مقدم للخدمات... الخدمات سلعة لطيفة جدا في ظل الإستقرار و الجو الجميل و الظروف المتعاونة... سياحة, قناة سويس, خدمات إتصالات... إلخ... الخدمات تتميز بربحية عالية و قيمة مضافة متوسطة -برأيي- و عوائد على رأس المال سريعة نسبيا, بالتالي تضاءلت أمام الخدمات فرص الإستثمار في الزراعة و الصناعة و السلع الملموسة, خصوصا مع تخلي الدولة عن الدفع في هذا الإتجاه و خصوصا مع خوض الدولة لتجربة في رأيي انتهت بالفشل مع المشروع الناصري فيما يخص التصنيع بفتحة الصدر... للتوضيح... لو في عشر أشخاص مع كل منهم مليون جنيه و أمام كل منهم مشروعين يختار منهم واحد يعمله, القهوة أو كافيه "مثال للخدمات" و الثاني ورشة تصنيع بلاستيك مثلا "مثال للتصنيع السلعي"... كام واحد منهم هيروح لدة و كام هيروح لدة؟؟

أهو دة اللي حصل في مصر.. خصوصا مع الصعوبات التي "وُضعت" في طريق الخيار الثاني...

الخدمات لا تحب القلق, لا تتعامل جيدا مع المتغيرات العميقة, لا تفضل الرؤى الغائمة... بالتالي فقدت مصر بعضا من دخل السياحة على مدار السنوات السابقة "و هي الصناعة الخدمية الأهم في مصر" و بما أن السياح يفضلون غالبا ألا يُقتلوا أثناء سياحتهم "الطائرة الروسية و السياح المكسيكيين و الطالب الإيطالي جوليو" تراجعت السياحة لمستوى الصفر تقريبا "اللهم إلا سياحة الإنتحار تقريبا" دة كله جاء مع نمو واضح في السياسة العامة و المجتمع فيما يمكن أن نسميه العداء للأجانب أو الشك فيهم على أقل تقدير... كل دة ذبح السياحة بسكين بارد... زد على كدة إن قناة السويس -بتفريعتها و سلطاتها و باباغنوجها- ليست أكثر من خرطة من تورتة التجارة العالمية, فلما إنخفضت التجارة العالمية منذ 2015 -الحقيقة دة مكنش مفاجأة إطلاقا و كان متوقعا و بشدة منذ عامين على الأقل, بس الغرض مرض- إنخفض حجم الخرطة بتاعتنا من القناة... زد على ذلك إحجام المصريين في الخارج عن تحويل أموالهم لأسباب تتعلق بممارسات مصرفية إنغلاقية

خلاصة الكلام... الدولار بقى مش بيدخل و بقى بيطلع بس... بالتالي مع ثبات الطلب على السلع من الخارج "أي على الدولار كوسيط للسداد" أصبح الجنيه مهزق كما نرى الآن

ما هو الحل؟؟

هناك 3 حلول لا يوجد غيرهم ما لم يخترع طالب حقوق منوفي ماكينة لتحويل المفتئة لدولارات

الأول: عودة السياحة و الإستثمار الأجنبي المباشر "فلوس تيجي من برة تدفع مباشرة هنا في مشروعات" وضخ المصريين بالخارج دولارات داخل البلد.. و دة حل يبدو مستبعد جدا في ظل السياسة الأمنية الخرقاء و النظام المصرفي المنغلق تماما حاليا و حالة العداء للإنفتاح على الخارج دي و نظرة عدم الإستقرا المستقبلي للأوضاع في مصر و غياب أصلا رؤية إقتصادية للسياسة العامة للدولة

الثاني: تطور مطرد في التجارة الدولية و دورة رواج إقتصادي تنعش الخدمات الجغرافية الطبيعية لمصر... و دة غالبا مش هيكون في 2016 على الأقل لأسباب تقريبا كلها مش في إيدينا

الثالث: القروض و المنح.. و دي على فرض إننا حصلنا عليها, فهيكون في شروط كثيرة أولها و أهمها رفع الدعم "يعني متصرفش من موازنتك العاجزة و من فلوسي أنا كمُقرض على الحفاظ على سلعة أقل من سعرها الحقيقي زي العيش أو المية أو المحروقات أو خلافه" و ثانيها تعويم الجنيه "بمعنى ترك الدولار لقيمته الحقيقية أمام الجنيه و دي مش ممكن تحديدها بدقة لكن يمكن التكهن بها بين 9 و 10 جنيهات و نصف"

طيب... لو كل دة محصلش.. هنفلس؟
إجمالا, مفيش حاجة إسمها حكومة تفلس بسهولة... في النهاية و رغم الإستقلالية المفترضة في البنك المركزي "طابع النقد" لكن في النهاية, هتطبع فلوس و تدخل في دوامة تضخم و غلاء... بس مش هتفلس... أول كل شهر هتلاقي المرتب في البنك فلوس سخنة و مقمرة بس قيمتها الشرائية ورق كلينيكس... بس مش هتقدر تدفع ديونك اللي بالدولار لإنه مش موجود... بالتالي هتتوقف عن السداد و الإستيراد.. و دة بالنسبة لمصر في وضعها الحالي... حكم يالسجن المؤبد إن لم يكن أكثر

يعني مفيش أمل؟؟

في أمل و في رجاء و في سناء... بس من خلال الثلاث حلول المذكورة فوق... الحكومة هتعمل إيه؟ مش عارف.. و غالبا هي كمان مش عارفة... و ربنا يسهل

ملحوظة أخيرة: الوضع الحالي للدولار و أزمته ليست الأولى في تاريخ مصر,, بل للدقة هي الأزمة الرابعة أو الخامسة بنفس الصورة منذ نهاية حرب أكتوبر... يعني تقريبا عندنا واحدة كل عشر سنوات... حاول تتذكر خرجنا إزاي من أزمتنا سنة 90 مثلا, لإن دة المخرج اللي ربما "أقول ربما" يكون أقرب الآن للوضع الحالي

الأربعاء، 3 فبراير 2016

عن وقفة التاكسيات التي أتمنى أن تمتد طويلا

ضحكت حتى انقلبت على قفايا حينما قرأت بيان من بعض سائقي التاكسي القاهريين -وربما قريبا في محافظات أخرى- يطالبهم بالتجمع ل"وقفة" إحتجاجية بالمهندسين ضد "العمل غير القانوني لشركتي أوبر و كريم" ... تخيل أن التاكسيات أخيرا قررت تعمل "وقفة"... شيء لم نعهده من التاكسيات... عادة التاكسيات لا تقف... و الأجمل إنهم معترضين على وضع "غير قانوني"

التاكسي اللي مجموع مخالفاته الأسبوعية لقوانين المرور و القوانين البشرية كلها كافي لإعدامه عدة مرات باستخدام خازوق ذو قطاع مربع مقاس 50 مم معترض على "الوضع القانوني" لشيء ما.... ههههاااااااااهههااااااي

لا أنكر سعادتي البالغة بتكدير سائقي التاكسي القاهري بألوانه المختلفة, و أتمنى نفس المصير لزملائه في الثغر السعيد "سابقا".... بس قبل ما نسترسل... هو إيه أصلا أوبر و كريم دول؟؟؟

أوبر "Uber" و كريم "Careem" هما تطبيقان من تطبيقات التليفون المحمول, الاول على ما أذكر هندي المنشأ و الثاني لبناني. الأول موجود تقريبا بكل دول العالم و الثاني في الشرق الأوسط. تقوم فكرة التطبيق ببساطة خارج منطقتنا العربية على أن من يملك سيارة قد يود أن يستخدمها لتدر بعض الدخل عليه في وقت فراغه, فيقوم بتحميل التطبيق و الوصول لراغبي الحصول على توصيلة في دائرة قريبة من مكانه بإستخدام تطبيقات ال "GPS". تطور التطبيق بعد ذلك لييوصل الملايين من مقدمي الخدمة بالملايين الأخرى من مستخدميها. تحصل التطبيقات على نسبة من أجرة التوصيل و يحصل السائق على الباقي و يحصل الراكب على خدمة مميزة. نتيجة للتعقيدات القانونية بمنطقتنا و بالأخص مصر, فقد قامت كريم و أوبر بالتعاقد مع مكاتب خدمة الليموزين المنتشرة بالبلاد لتقديم الخدمة لها كمقاول باطن على أن تقوم الشركتان "أوبر و كريم" بتدريب السائقين و منحهم التطبيق و خلافه ليكونوا على المستوى المؤهِل لتقديم هذه الخدمة

لماذا خدمة أوبر و كريم مميزة؟

  • أولا, السيارات كلها حديثة "لم أرى سيارة منهم أقدم من ثلاث أعوام" و أنواع ممتازة -اللادا يا عزال اللادا غير معترف بها في أوبر و كريم, السيارات نيسان و ميتسوبيشي و تويوتا و هكذا-
  • السيارات بالطبع مكيفة و نظيفة
  • السائقون مدربون "مفيش تدخين في العربية, مش هيقعد يرغي معاك/معاكي بدون سبب, بيقود قيادة متزنة في الغالب قياسا على مصر"
  • قبل أن تطلب السيارة, تعرف قيمة تقديرية "قريبة جدا من الحقيقة" لتكلفة المشوار, فلا يوجد مفاجأت غير سارة كما هو الحال دائما في التاكسي
  • بفرض إنك نسيت حاجة في السيارة, مفيش مشكلة, التطبيق عارف انت مين و نسيتها فين و السيارة دي حاليا فين و هتجيلك حاجتك لحد عندك
  • مفيش تعاملات كاش -لو حبيت-. مجرد إمتلاكك لبطاقة إعتماد تقدر تركب و الفلوس بتتخصم من البطاقة مباشرة, بل تستطيع أن ترسل سيارة لقريب أو صديق ليركبها من حساب بطاقتك بمنتهى السهولة و في ثواني
  • آمن للسيدات -وكفي بها ميزة-
  • كل خط سير السيارة من لحظة طلبك لها "و ليس ركوبك فيها" و حتى وصولك للمكان الذي تود الذهاب إليه محدد على الخريطة و يمكنك الرجوع إليه لو إحتجت
  • مفيش حاجة إسمها "معيش فكة"... لو دفعت كاش, الباقي تأخذه كاملا أو يتم ضمه لحسابك في التطبيق لتوصيلات قادمة
  • في المشاوير التي تتكلف أكثر من 7 جنيهات, أوبر و كريم - صدق أو لا تصدق- أرخص من التاكسي اللادا
فكر إيه من اللي فوق دة موجود في التاكسيات.... نراجع مع بعض:
  • السيارات موديلات تتراوح من السبيعينيات و حتى التسعينيات في أغلبها... أحدث حاجة من 7 او 8 سنوات
  • السيارة مكيفة, بس التكييف عطلان "النهاردة" أو بيعمل بتكلفة إضافية
  • السائقون مدربون على تسلق الحوائط و سب الأديان
  • التعريفة مسألة تقديرية للسائق و لا تخضع لشيء إلا قواعد البلطجة الأربعين
  • خطر على السيدات و الأطفال و الرجال
  • لو نسيت إبنك في العربية, خلف واحد تاني أسهل
  • مخالفة خط السير ووجود ركاب آخرين معك شيء طبيعي
  • أغلى من أوبر و كريم
  • ليس معنى أنك راغب في الذهاب لمكان و أن أمامك تاكسي و فاضي إنه هيقفلك... مش جايز شكلك وحش؟
بوضوح, التاكسي في مصر لا يستحق مجرد الزعل عليه... قريبا سيصبح مثل الطرابيش, موجود في الأفلام القديمة فقط. و هو يستحق بجدارة.... 

هل في سائقين في أوبر و كريم سيئين؟ هل في تاكسيات كويسة؟
نعم و نعم....
بس سائق أوبر و كريم يخضع في "كل توصيلة" لإستطلاع رأي من الراكب, و السائق الذي يرتكب عدد من المخالفات محدد يتم إستبعاده فورا و لا يقود ثانية لحسابهم بالإضافة لترضية الشركة للزبون
سائق التاكسي الجيد, عملة نادرة في منظومة آيلة للسقوط... الأفضل له أن يلتحق بالعصر الحديث برأيي

هل هذا المقال دعاية لأوبر و كريم؟

ربما... أنا زبون راض و سعيد, أشعر بإطمئنان على أولادي و زوجتي في هذه الخدمة "الإنسانية" أكثر من أي شيء آخر... و أدعوكم جميعا لإستخدامهما بدلا من التاكسي... عاقبوا المسيء في حقكم... 

هذه الخدمة في القاهرة و الإسكندرية و الغردقة و شرم الشيخ قريبا.... دعموا الخدمة التي تستحق لقب خدمة و اتركوا العقاب الذي تأخذونه و تدفعون فيه مقابل لا يستحقه

الخميس، 10 ديسمبر 2015

الماضي الحاضر

أعتقد أنه من الممكن أن نسلم بوجود تأثير لا يمكن إنكاره سلبا و إيجابا لما "وقع" على ما هو "واقع" و على ما "سيقع" أيضا من أحداث و توجهات في الساحتين السياسية و الإجتماعية المصرية بل و العربية. ليس ذلك عجبا بين الأمم, فمصر مثل غيرها يحكم حاضرها تاريخ ما من التجارب السيئة و الجيدة التي تحدد نوع الخبرات المتراكمة لدى العقل الجمعي للأمة و بالتالي تحدد هذه الخبرات ما هو ليكون من قرارات و توجهات و دوافع لدى العامة و السلطة الحاكمة

المشكلة هو في نسبة هذا التحكم.... في بلاد تقع على يسارك حين تنظر للخارطة, فإن الماضي على أهميته ليس الحكم الوحيد لما يحدث و ما سيحدث. الماضي ليس إلا عنصرا من العناصر... الخبرة ليست إلا أداة من الأدوات يستكملها الإبداع و المبادرة بل و المغامرة بما هو جديد و أحيانا غير مطروق لخلق تجربة إنسانية فريدة و جديدة و مختلفة عما سبق

في بلادنا, الخبرة و الأقدمية هي العنصر الحاكم. الإبداع سيء السمعة و في مكان ما بين الشك و التحريم... أما المغامرة فهي طبع الأشقياء... لذا لم أجد غرابة في تحليل الواقع المصري الكائن بسرد 3 أعمدة أساسية من الأحداث التي وقعت في ماضي الوطن و لا تزال حتى الآن هي عنصر الحسم و القول الفصل في تجربتنا السياسية و الإجتماعية في عالم اليوم

أرى أن هذه الحوادث الثلاث هي صلب المسألة التي نقاسيها نحن - المواطنين المهتمين بالشأن العام كمؤثر على الشأن الخاص قبل أي إعتبار أخر- و الذين أزعم أنهم في غياب الهستريا و التوفيقعكاشية و الأحمدموسوية و اللطميات الإخوانية ربما تكون هي النسبة الغالبة

هذه الحوادث الثلاث هي ماض مضى بحلوه و بقى منه مره و يأبى -و يأبى معه البعض- أن يمضي بنا و نمضي عنه لتجربة أكثر حداثة و تنوعا

أولا: ثورة/إنقلاب/حركة مباركة في 23 يوليو 1952

سمها كما شئت, هذه الحادثة التي وقعت في 23 يوليو 1952 و نتج عنها سقوط حكم الأسرة العلوية التي حكمت مصر منذ 1805 حتى تاريخ سقوط فاروق الأول -و هو النهاية الفعلية أو إلغاء الملكية عقب ذلك التاريخ بعام- هي من الحوادث التي لازالت تؤثر بعمق بالغ في مصر اليوم. و رغم مرور ما يزيد عن 63 عاما على وقوعها ووفاة كل الذين قادوا الحركة أو تداخلوا في أحداثها المباشرة إلا أن أثرها لا زال قائما و لا تزال بقايا دولة يوليو تحكم مصر. 

قامت دولة يوليو على أساس إيديولجي من معاداة الوضع القائم في مصر في عشية قيامها.... فقد عادت يوليو النظام الملكي الذي كان قائما كنموذج للنظام السياسي و عادت معه التعددية الحزبية القائمة حينئذ و قامت عقب قيامها بإلغاء الأحزاب. كما عادت النظام الإجتماعي أيضا القائم على الطبقية و ملكية الأراضي و تعدد الأعراق و الجنسيات فأقرت مجموعة من القوانين التي ضمنت إعادة هيكلة النظام الإجتماعي المصري مثل قوانين الإصلاح الزراعي و التأميمات و الحراسات و القوانين الإشتراكية كما سعت و لو خفية للتخلص من العنصر الأجنبي و اليهودي فيما بعد. و قد كان النظام القائم قبل يوليو هو نتاج مشوه نوعا ما و غير قابل للإستمرار في كل الأحوال في عالم أصبح حينئذ -عقب الحرب العالمية الثانية- كثير الحركة و التغيير. تشوه النظام القائم على ملكية إحتكارية بالأساس -نظام التاجر الأوحد و الصانع الأوحد و الزارع الأوحد- و لم يعد قادرا على الوقوف في وجه مد شعبي يطالب بملكية دستورية تطورت مطالبه و تبلورت في ثورة 1919 و أنتجب ما عُرف بدستور 1923 ليصبح الشد و الجذب الواقع حينئذ بين القوى الوطنية ممثلة غالبا في حزب الوفد و بين السراي هو سمة 3 عقود لينتج "شبه" ملكية دستورية أوتوقراطية عجيبة و غير قادرة على إدارة الشأن السياسي بكفاءة... كان سقوط النظام الملكي مسألة وقت

و رغم التغييرات التي أقامتها حادثة 23 يوليو, كان الواقع الأهم الذي خلقته هو تحويل الجيش المصري الحديث الذي نشأ مع نشأة الأسرة العلوية و على يد مؤسسها من لاعب ما في المسرح السياسي إلى اللاعب الوحيد مع تشميع المسرح السياسي نفسه... أصبح الجيش بالفعل هو الدولة و الدولة هي الجيش... و أصبح قادة الجيش و ضباطه هم الوزراء و السياسيون و المحافظون و رؤساء الهيئات و الشركات و لاحقا رجال المال و الأعمال...

رغم وفاة أعضاء مجلس قيادة الثورة تباعا إلا أن الواقع الذي خلقته حركتهم جعل الجيش ما بين اللاعب رقم واحد في مسرح السياسة المصرية في بعض الأحيان إلى اللاعب رقم واحد و إثنان و ثلاثة في أحيان أخرى كما هو الآن. 

ليس من المنطقي بالطبع إعتبار أن دولة يوليو لازالت قائمة كما هي, فدولة يوليو تعرضت لضربات قاصمة, أضعفتها و أوهنتها كثيرا و لكنها لم تقتلها بعد... أهم هذه الضربات كانت برأيي فشل الوحدة السورية ثم حرب اليمن و هزيمة 67 و إغتيال السادات و 25 يناير.... ربما - أقول ربما- كان من الممكن أن تموت دولة يوليو السياسية و الإجتماعية لو نجح مخطط الطفل المعجزة جمال مبارك و تمكن من إعتلاء سدة الحكم بطريقة غير عنيفة في السنوات الماضية -بفرض عدم وقوع 25 يناير-... غالبا كان ذلك سيكون مسمار نعش دولة يوليو الأخير كأوتوقراطية عسكرية محافظة لندخل عهد أوتوقراطية مختلفة ربما ما كان ليشبهها شيء إلا لو كانت مثلا تولت إيميلدا ماركوس حكم الفلبين!!

25 يناير - التي يقول البعض بأنها أنهت دولة يوليو و هي بالتأكيد كانت تهدف لذلك- منحت برأيي و دون أن تقصد دولة يوليو قبلة حياة و إشترت لها وقتا على جهاز التنفس الصناعي... فهي رغم أنها طعنة في قلب دولة يوليو إلا أنها لم تنجح بعد في الإجهاز عليها بل مدت في عمرها سنوات قلائل... و لعل هذا الفضل اليسير هو ما يدعو الديكتاتورية السياسية الحالية لإبداء شكر مر تجاه يناير في المحافل العامة و على شاشات التلفزيون ثم تستعيض عنه لاحقا ب30 يونيو!!

ثانيا: هزيمة 5 يونيو 1967

تستطيع أن تسميها نكسة إن كنت تفضل المسميات "الشيك" و لكنها كانت هزيمة ساحقة - بكل أسى- لجيش لم يتمكن حتى من أن ينال فرصة الحرب. هزيمة 1967 هي العنصر النفسي الأكثر تأثيرا في الشخصية المصرية برأيي في القرن العشرين و مطلع الحادي و العشرين الذي مر منه عقد و نصف...

لم تكن الهزيمة نفسها هي المشكلة, فقد هُزمت الجيوش العربية مجتمعة و منها المصري في 1948 و لم يكن لهذه الهزيمة تلك "الكسرة" التي أوقعتها في النفس و الوجدان و ما ورائهما حرب يونيو. كانت المشكلة في سقوط من علٍ ساعدت فيه و مهدت له القيادتان السياسية و العسكرية لمصر في ذلك الوقت في جريمة من أكبر الجرائم التي إرتكبها حاكم لمصر في حق أهلها على كثر هذه الجرائم. أخذت هذه الهزيمة جيلا كاملا من الشباب و الرجال و النساء و قذفت بهم في صفوف الحيرة و التردد و عدم التصديق و مراحل الحزن الخمسة الشهيرة... فمنهم من هاجر للخارج و منهم من هاجر للداخل و منهم من كفر بكل شيء و منهم من تشدد في كل شيء و بدا أن مصر في عشية تلك الحرب الخاطفة صورة مهزوزة من بلد آخر. 

كانت هذه الهزيمة - التي لازالنا نعاني من أثار من عانوا منها رغم حرب أكتوبر الرائعة- من عناصر الماضي الحاضر التي حددت العقيدة العسكرية للجيش و الشعب و حددت العدو بوضوح - حتى إهتزت صورة العدو مؤخرا- و ضربت مشروع دولة يوليو ضربة قوية

كانت هذه الحرب و تلك الهزيمة برأيي مؤسسا أصيلا للحادثة الثالثة

ثالثا: إعادة تأسيس الجماعات الإسلامية في السبعينيات

في السبعينيات إتخذ الرئيس "المؤمن" محمد أنور السادات قرارا في ذلك الوقت بعودة الأحزاب ليؤسس ديكورا صممه و أسسه في سبيل رؤية راودته لمصر ما بعد حرب أكتوبر... فقام بإخراج عدد من قادة الإسلام السياسي من السجون من الإخوان و سمح لهم بممارسة عمل سياسي مشروط. و هو ما تزامن مع ظهور الجماعة الإسلامية التي أسست شعبية كانت قوية في ذلك الحين على رفض شرعي - من وجهة نظرهم- للسلام مع إسرائيل علاوة على أفكار جهادية تكفيرية تضمن تكفير المجتمع و الحاكم و الدولة - في تخريجات شرعية ساهم في تأسيسها دون شك و بإعتراف الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح في مذكراته المملكة العربية السعودية -في نفس الوقت الذي كانت فيه جماعات مثل التكفير و الهجرة و الجهاد تزدهران. أيضا كانت تتأسس في ذلك الوقت - الفترة التي يُعرفها أبناء تيار الإسلام السياسي بالصحوة- الدعوة السلفية بمدينة الإسكندرية على يد محمد إسماعيل المقدم و سعيد عبد العظيم و أخرين الذين خرجوا من عباءة الجماعة الإسلامية منشئين سلفية علمية أكثر سلبية من السلفية الجهادية الأكثر فورانا و عداءا بالطبع للسلطة.

من عجب أن كل من شملتهم الفقرة السابقة و معظمهم أحياء كانوا طلبة في ذلك الوقت في كليات الطب و الهندسة و الزراعة و غيرها و كان أن التقوا بالمخضرمين من جماعة الإخوان المسلمين الخارجين من السجون و لعائدين من الخارج بعد ضربات النظام الناصري ضدهم... لينشأ تيار الإسلام السياسي بفروعه المختلفة التي لازالت معنا حتى اليوم بأفكارها و شخوصها و أحقادها القديمة

كل هذه الحوادث الثلاث تشكلت و تفاعلت بصورة درامية مؤثرة لتخلق لنا واقعا نعيشه اليوم... واقع اختلطت فيه السياسة بالدين و المحبة بالكراهة الشخصية بين أبطال العرض المسرحي الذي نشاهده و لا نستمتع به و لا يحق لنا المشاركة فيه أو الإعتراض عليه

خلقت هذه الحوادث الثلاث مصر اليوم... الأوتوقراطية التي تضرب الثيوقراطية بالدكتاتورية لتعود السلفية الجهادية فتضربها و هكذا دواليك بينما نجتر نحن أحزان هذه و لطميات تلك. و لا مانع من أن نشارك أحيانا نحن اللامنتمين المهمومين بشأن الحياة اليومي العادي هؤلاء في معتقلاتهم أو هؤلاء في هسترياتهم كأي "كومبارس" مخلص في عمله يردد جملته الواحدة التي لا تتغير من بدء العرض حتى يوم الرب هذا "يحيا شخص ما" و "بالروح بالدم نفديك يا شيء ما"

ربما لو أمعنت النظر فلن تجد فارقا أيديولوجيا يذكر بين هذا البطل و ذاك.... هو فقط فارق في الأزياء و المكياج و لكن حتى مؤخرا تشابهت الجمل الحوارية في تكرار ممل لعرض فاشل لم يعد يجذب إلا المجاذيب

لتظل أنت و أنا و من يأتي بعدنا حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا أسرى لماض يأبى إلا أن يذهب و يترك فرصة كانت سانحة لخلق جديد....

فهل ستكون الفرصة سانحة من جديد لخلق جديد بعد أن يعمل ملك الموت عمله في وقت محتوم و يجمع زمرة الماضي الكئيب الذين يأبون الجلوس على دكة الإحتياط و يصرون على أخذ المستقبل معهم ليجاورهم حتى في لحودهم؟

الأحد، 29 نوفمبر 2015

تقييمي لإستخدام خدمة Uber لأول مرة في مصر

النهاردة كانت اول تجربة استخدم فيها خدمة Uber... لمن لا يعلم هي عبارة ببساطة عن تطبيق على التليفون "برنامج يعني بتنزله ببلاش على موبايلك" من خلاله بتطلب سيارة تقوم بنقلك من مكان لمكان... زي التاكسي لكن مع فروق خرافية....
اولا حضرتك بتطلب السيارة من خلال تطبيق التليفون، مش بتتصل بحد، مجرد بتحط على الخريطة اللي في البرنامج مكان بداية الرحلة "المكان اللي انت فيه او هتركب منه" و مكان نهاية الرحلة "الحتة اللي انت رايحلها"
البرنامج مصمم بحيث يُظهر على الخريطة السيارات المتاحة في دايرة قريبة منك في حدود دقايق "١٠ دقايق بالكثير" لو مفيش عربيّات حواليك في الدايرة دي التطبيق هيقولك جرب بعد شوية
بعد تأكيد الطلب، هتشوف المدة اللي العربية اللي جايالك هتستغرقها و مكانها اللحظي على الخريطة و كمان اسم و صورة و رقم تليفون السائق و رقم و موديل العربية
هتوصلك العربية هتركب و توصلك مطرح ما انت محدد سواء عن طريق ال GPS او انت ممكن تخلي السائق ياخد طريق تاني لو تحب
بعد الوصول هيجيلك طلب لتقييم السائق مصحوب بخريطة للمسار اللي انتوا فعلا مشيتوا فيه ووقت الركوب و الوصول و زمن الرحلة و المسافة و تكلفة الرحلة بالقرش
الخدمة متاحة ف القاهرة من شهور عديدة و بها عدة آلاف من السيارات و في اسكندرية بدأت يوم ٢٧ نوفمبر ٢٠١٥ و لسة عدد السيارات اتنين فقط بس السواق قالي انهم في خلال أسبوعين هيكونوا عشرة
الخدمة دي مناسبة جدا جدا لحاجات كتير، مشاوير المطار، استخدام واحد رايح وسط البلد او مكان مزدحم و مفيش ركنة و دي كانت حالتي النهاردة، استخدام السيدات بأطفالهم للمشاوير بتاعة النادي و كارفور و خلافه لانه آمن جدا... لو حابب تركب وممعكش فلوس لإنك ببساطة مش هتدفع كاش... انت بتسجل الكريديت و الفلوس بتتحول مباشرة من غير تداول بينك و بين السائق... كمان لو نسيت حاجة في العربية مش هتضيع... مش هتفاصل في الحساب و عارف متوسط التكلفة من الأول... لو رايح سهرة أو مسرح أو فيلم و لابسين بدل و سواريهات بقى مش محتاج تسوق و تقرف روحك لإن الخدمة 24 ساعة
التكلفة كانت 32 جنيه بالنسبة لمشوار من جرين بلازا لحد المنشية عند شارع النصر عن طريق الطريق السريع.... أنا مش من مستخدمي التاكسي الأصفر في الأسود التقليدي بس أظن إن التكلفة مش هتكون مختلفة عن كدة مع الوضع في الإعتبار الفارق في نوع السيارة و جودتها و أمان الرحلة "أظن التاكسي العادي مش أقل من 25-30 جنيه لنفس المشوار".
العيوب هي عيوب مصرية بالأساس... الخدمة دي موجودة تقريبا في قارات العالم الست دلوقتي و كل المدن المهمة ف الكوكب... بس طبعا السواق وصلي متأخر لأنه كان جاي من سان ستيفانو و المفروض مكنش يقبل الطلب مدام بعيد "هو استغرق حوالي 20 دقيقة للوصول" و المفروض ان تعليمات Uber أنه ما يكلمش الراكب إلا إذا الراكب كلمه مثلا بس الولد دة - رغم إنه كان لطيف و مهذب الحقيقة- كان بيعمل دعاية عن الخدمة و إنه من القاهرة و إلخخخخخخ كالعادة. العربية كانت نظيفة "كانت جيلي إيميجراند" بس مكنش مشغل التكييف -هو أنا مكنتش هأطلب تشغيله بس هو المفروض يسألك"
أنا مدفعتش فلوس في الخدمة خالص لإن كان عندي Promotion code جايلي فخدت توصيلة لحد 70 جنيه ببلاش... و لما وصلت إدوني كود أديه لحد ما كنش مسجل يسجل به و يأخد كمان توصيلة مجانية ب70 جنيه... يعني حضرتك تنزل الأبليكيشن و تدخل الكود AHMADS1528UE هتأخد برضو توصيلة مجانية في حدود 70 جنيه...
محتاج إيه للتسجيل؟
موبايل سمارت فون عليه نت و GPS و تسجل عندهم الكريديت كارد "طبعا دة بيتم استخدامه من خلال secured network, يعني بيانات البطاقة في أمان تام"
استخدموه بقى و استخدموا الكود دة كمان عشان تجربوا مرة ببلاش و اضربوا التاكسيات المقرفة دي بالصرمة

الأحد، 15 نوفمبر 2015

لماذا "يتدعشون"؟

سؤال الساعة بعد هجمات باريس و قبلها بيروت و قبلها الطائرة الروسية و و و عشرات الهجمات الأخرى ذات الطبيعة العنيفة و العسكرية / المخابراتية - من حيث التخطيط و التنفيذ- هو لماذا ينضم مئات من الشباب من خلفيات إثنية و إجتماعية و إقتصادية مختلفة لهذا التنظيم البائس؟ ما الذي يدفع شابا في مقتبل العمر أو شرخ شبابه للإنضمام لجماعة ما ترسي القتل و التصفية الجسدية كغاية ووسيلة لإنشاء كيان هلامي غير مُعرف و لا محدد لم يدركه أيا منهم في حياته الرغدة حينا و الصعبة أحيانا؟

ما هو التفسير الذي ينطبق على أبناء العائلات الثرية من مصر الجديدة و الطبقة العاملة الفقيرة من ضواحي بروكسل مثلا و يجمعهم في تضاريس صعبة و حياة لا يمكن وصفها بالرغد في بلاد لم و لن توفر لهم أي شيء؟ حتى لو صحت قصص الفتيات الأسيرات لديهم و التي يتزوجونها تحت مسميات غريبة فهل عجز هؤلاء و هؤلاء عن أن يجدوا فتياتهم في الوطن؟

هل هناك أصلا تفسير واحد يبرر لكل هذا الطيف المتنوع التحول من شاب عادي و ربما لطيف إلى قاتل محترف يزعم القتل بإسم الرب؟؟

هذه محاولة ساذجة مني و ربما ركيكة لتفسير هذا الأمر

إن الهوس الديني هو مسألة قديمة قدم الأديان نفسها, الهوس الديني كما أُعرفه هو التعلق بفكرة معينة لها طبيعة دينية أو لاهوتية و توحيد كل الأفكار و الألوان و الإختيارات و قراءتها من خلال هذا التعلق وحده فيصبح المرء كائنا أحادي الخلية, بلا عقل و لا قلب و لا مشاعر, هو فقط رسول ما لتنفيذ أمر ما. شهدت كل الأديان السماوية و الوضعية حالات واضحة من الهوس الديني يختلف من زمان لزمان و من مكان لمكان و إن كان الأمر في نهايته متشابه مشتبه. يتأله المهوس دينيا على كل الخلق بل و على رب الخلق بتفسير و تنفيذ أحكام نهائية غير قابلة للنقاش و لا النقض و لا الإبرام. و تختلف حضانات هذا الهوس بإختلاف الظروف و لكنها دائما خبيثة تظن أن لها القدرة على إدارة الهوس حتى حين.... و غالبا ما تفشل

شهدت اليهودية و لا تزال هوسا دينيا من بعض منتسبيها داخل الأراضي المحتلة و خارجها من أبناء المدارس الدينية و برعاية بعض الأحزاب و الأشخاص على غرار "شاس" و الحاخام عوفاديا يوسف

شهدت المسيحية و هي أكثر الأديان السماوية إنتشارا بجميع مللها قرونا كاملة كان فيها الهوس الديني هو الغالب و أنتج الحروب الصليبية و محاكم التفتيش و إنقاسامات لازالت أثارها بادية في دول بأكملها و جماعات من المخابيل كالكلوكس كلان "KKK" و الحزب النازي الألماني " NSDAP " بخلفيته القومية / الدينية و آخرين

و حتى الأديان الوضعية شهدت تطرفا و قتلا بإسم عقائدها

لم يكن الإسلام بمعزل عن هذا, فقد كانت الحرب بإسم الله قديمة من بعد وفاة الرسول "صلعم" بقليل و شهدت وقائع عنيفة بدءا من رفع القرآن على أسنة الرماح مرورا بكثير من الأحداث حتى يومنا هذا

كل المشترك بين هذه الأحداث هي إخلاص جماعة ما لفكرة عنيفة إخلاص لو أخلصوه لفكر عقيدتهم الأصلي لكانوا أسعد أهل الأرض

و لكن هل يفسر الهوس الديني وحده فكرة نجاح داعش - و هي إبنة سفاح لفكر القاعدة- في تجنيد ألاف البشر؟

الحقيقة أن ذلك لا يستقيم برأيي, فلا توجد فكرة أو دافع واحد يجمع كل هذه المشارب ليجندهم تحت لواء واحد من القتل و إستحلال - بل التلذذ- بالدماء

في أحد أفلام الحركة الأميريكية و الذي أُنتج عام 2012 بإسم "Jack Reacher" قال البطل طوم كروز "Jack Reacher" للبطلة روزاموند بايك "Helen Roden" في أحد المشاهد محاولا شرح لماذا قامت إحدى شخصيات الفيلم ذات الخلفية العسكرية بقتل عدة أشخاص عشوائيين بدون تبرير واضح 

"There are four types of people who join the military. For some, it's family trade. Others are patriots, eager to serve. Next you have those who just need a job. Then there's the kind who want the legal means of killing other people."

ترجمة الكلام بقليل من التصرف
"هناك أربع أنواع من الناس الذين ينخرطون في الحياة العسكرية, للبعض هو إرث عائلي. الآخرون وطنيون, يتحرقون للخدمة. بعد ذلك هناك من ينخرط لإحتياجه فقط لوظيفة ما. و أخيرا هناك النوع الذي يرغب في وسيلة قانونية لقتل الأخرين"

يمكننا بقليل من التعديل -إذا قبلنا هذا المنطق- أن نسقط نفس التفسير على داعش....
هناك من ينضم لها بميراث الفكر الجهادي الذي يستحل دماء الآخر لأسباب قد لا تجدي معه نقاشها كثيرا
هناك من ينضم "ظنا" منه أنه يدافع عن الدين -أي دين!- و يرى في هذه الحياة الدنيا إلهاءا عن هدفه الأسمى
هناك من ينضم للمزايا المادية و العينية و لا يعنيه أن يخدم الله أو الشيطان, ربه المصلحة

و هناك من يحتاج لوسيلة ما لقتل شخص آخر... لا يهم من هو... هناك شبق للدماء يحتاج للإرضاء

و غالبا بعد فترة يتحول الكل للنوع الأخير.............

"قد" يفسر ذلك هذا التنوع بين المنطوين تحت الراية الداعشية و تنوعهم, من غني يرى في الفكرة بريقا ما - لا أعرفه- لمختلين إجتماعيا و عقليا يحتاجون لمتنفس يبيح الذبح المطلق للصوص و قطاع طرق يتقربون لربهم زلفى -حسب ظنهم- و يمارسون السرقة "في الحلال" ..... إنه كإنشاء ناد للمجانين و المختلين و المهوسيين و جعل عضويته بالطلب.... لن يعجز ناد كهذا عن إيجاد أعضاء أبدا

السؤال... كيف تتخلص من ناد كهذا؟؟

الحقيقة المؤسفة أنك لا تستطيع... إنك لا تقضي على داعش -كمثال- للأبد, سيظهر غيرها بإسم آخر و تخريجات "شرعية" أخرى من وجهة نظرهم... إن التطرف و الهوس جزء من حياة الناس... إن الظن بالقضاء على داعش هو كإدعاء القضاء على الجريمة أو الفقر أو المرض... سيظل الطاعون يطل برأسه من هنا و هناك كل حقبة زمنية...

ليس معنى هذا أن نتقبل الوضع و نتعايش معه و نغض الطرف... حتى هذه الرفاهية و المقاربة لن تفلح و قد جربتها مثلا أوروبا عام 1932 مع صعود حزب العمال الألماني الإشتراكي القومي للسلطة "المعروف بالحزب النازي" و دفع العالم الثمن بما يزيد عن 50 مليون إنسان لقوا حتفهم في حرب مجنونة

لم تنشأ داعش اليوم و لم تنشأ في الفراغ الكوني لندعى أننا قد فوجئنا بها!!! داعش إبنة ثابتة النسب لعدد من التنظيمات و الأفكار و التفسيرات التي سبقتها و هي تقاتل على الأرض منذ سنوات في عالم به وسائل إتصال أكثر مما به من غذاء.... و لكن ما الذي فعله العالم ليوقف داعش؟؟؟

مسؤولية خلق و وأد داعش تقع بالدرجة الأولى على دول العالم الإسلامية... فمنها نشأت و فيها ترعرعت و منها تستقي الدماءين... دماء الحياة و دماء الموت... فمن الوقاحة أن نقول للعالم - المسؤول أيضا و لكن بدرجة أقل- أن عليه أن يعمل لإجتثاثها... و ماذا فعلنا نحن؟ ماذا فعل "رجال الدين" لدينا لها؟ كم رجل دين إسلامي تستطيع تسميته الآن يرى في داعش أكثر من "مجتهدين أصحاب أخطاء شرعية و هنات"؟؟ كم رجل سياسة حاول قتل "أسباب" الظلم الذي يحصل في بلادنا "الإسلامية" و ينتج بيئات حاضنة لقسم كبير من دواعش القول و الفعل؟؟ 

لو لدينا رجال يقيمون الدين و ليس "وظيفتهم" أنهم رجال دين و رجال سياسة و ليس أصحاب عزب و إقطاعيات ورثوها مع رتبهم العسكرية و أموالهم العديدة لربما لم تكن داعش الآن بهذا الخطر الذي صار واقعا و حقيقيا و مدمرا

ربما علينا أن ننظر عن إجابة عنوان المقال داخلنا أولا قبل أن نتهم مؤامرة ما خفية بخلق الوحش الذي ربناه بين ظهرانينا.... ربما علينا أن نفعل ذلك و لو حتى معذرة إلى ربنا عن دين و نفس أضعناهم كما لم يكن ليقدر أن يفعل أكثر خصومنا لؤما