الخميس، 10 ديسمبر 2015

الماضي الحاضر

أعتقد أنه من الممكن أن نسلم بوجود تأثير لا يمكن إنكاره سلبا و إيجابا لما "وقع" على ما هو "واقع" و على ما "سيقع" أيضا من أحداث و توجهات في الساحتين السياسية و الإجتماعية المصرية بل و العربية. ليس ذلك عجبا بين الأمم, فمصر مثل غيرها يحكم حاضرها تاريخ ما من التجارب السيئة و الجيدة التي تحدد نوع الخبرات المتراكمة لدى العقل الجمعي للأمة و بالتالي تحدد هذه الخبرات ما هو ليكون من قرارات و توجهات و دوافع لدى العامة و السلطة الحاكمة

المشكلة هو في نسبة هذا التحكم.... في بلاد تقع على يسارك حين تنظر للخارطة, فإن الماضي على أهميته ليس الحكم الوحيد لما يحدث و ما سيحدث. الماضي ليس إلا عنصرا من العناصر... الخبرة ليست إلا أداة من الأدوات يستكملها الإبداع و المبادرة بل و المغامرة بما هو جديد و أحيانا غير مطروق لخلق تجربة إنسانية فريدة و جديدة و مختلفة عما سبق

في بلادنا, الخبرة و الأقدمية هي العنصر الحاكم. الإبداع سيء السمعة و في مكان ما بين الشك و التحريم... أما المغامرة فهي طبع الأشقياء... لذا لم أجد غرابة في تحليل الواقع المصري الكائن بسرد 3 أعمدة أساسية من الأحداث التي وقعت في ماضي الوطن و لا تزال حتى الآن هي عنصر الحسم و القول الفصل في تجربتنا السياسية و الإجتماعية في عالم اليوم

أرى أن هذه الحوادث الثلاث هي صلب المسألة التي نقاسيها نحن - المواطنين المهتمين بالشأن العام كمؤثر على الشأن الخاص قبل أي إعتبار أخر- و الذين أزعم أنهم في غياب الهستريا و التوفيقعكاشية و الأحمدموسوية و اللطميات الإخوانية ربما تكون هي النسبة الغالبة

هذه الحوادث الثلاث هي ماض مضى بحلوه و بقى منه مره و يأبى -و يأبى معه البعض- أن يمضي بنا و نمضي عنه لتجربة أكثر حداثة و تنوعا

أولا: ثورة/إنقلاب/حركة مباركة في 23 يوليو 1952

سمها كما شئت, هذه الحادثة التي وقعت في 23 يوليو 1952 و نتج عنها سقوط حكم الأسرة العلوية التي حكمت مصر منذ 1805 حتى تاريخ سقوط فاروق الأول -و هو النهاية الفعلية أو إلغاء الملكية عقب ذلك التاريخ بعام- هي من الحوادث التي لازالت تؤثر بعمق بالغ في مصر اليوم. و رغم مرور ما يزيد عن 63 عاما على وقوعها ووفاة كل الذين قادوا الحركة أو تداخلوا في أحداثها المباشرة إلا أن أثرها لا زال قائما و لا تزال بقايا دولة يوليو تحكم مصر. 

قامت دولة يوليو على أساس إيديولجي من معاداة الوضع القائم في مصر في عشية قيامها.... فقد عادت يوليو النظام الملكي الذي كان قائما كنموذج للنظام السياسي و عادت معه التعددية الحزبية القائمة حينئذ و قامت عقب قيامها بإلغاء الأحزاب. كما عادت النظام الإجتماعي أيضا القائم على الطبقية و ملكية الأراضي و تعدد الأعراق و الجنسيات فأقرت مجموعة من القوانين التي ضمنت إعادة هيكلة النظام الإجتماعي المصري مثل قوانين الإصلاح الزراعي و التأميمات و الحراسات و القوانين الإشتراكية كما سعت و لو خفية للتخلص من العنصر الأجنبي و اليهودي فيما بعد. و قد كان النظام القائم قبل يوليو هو نتاج مشوه نوعا ما و غير قابل للإستمرار في كل الأحوال في عالم أصبح حينئذ -عقب الحرب العالمية الثانية- كثير الحركة و التغيير. تشوه النظام القائم على ملكية إحتكارية بالأساس -نظام التاجر الأوحد و الصانع الأوحد و الزارع الأوحد- و لم يعد قادرا على الوقوف في وجه مد شعبي يطالب بملكية دستورية تطورت مطالبه و تبلورت في ثورة 1919 و أنتجب ما عُرف بدستور 1923 ليصبح الشد و الجذب الواقع حينئذ بين القوى الوطنية ممثلة غالبا في حزب الوفد و بين السراي هو سمة 3 عقود لينتج "شبه" ملكية دستورية أوتوقراطية عجيبة و غير قادرة على إدارة الشأن السياسي بكفاءة... كان سقوط النظام الملكي مسألة وقت

و رغم التغييرات التي أقامتها حادثة 23 يوليو, كان الواقع الأهم الذي خلقته هو تحويل الجيش المصري الحديث الذي نشأ مع نشأة الأسرة العلوية و على يد مؤسسها من لاعب ما في المسرح السياسي إلى اللاعب الوحيد مع تشميع المسرح السياسي نفسه... أصبح الجيش بالفعل هو الدولة و الدولة هي الجيش... و أصبح قادة الجيش و ضباطه هم الوزراء و السياسيون و المحافظون و رؤساء الهيئات و الشركات و لاحقا رجال المال و الأعمال...

رغم وفاة أعضاء مجلس قيادة الثورة تباعا إلا أن الواقع الذي خلقته حركتهم جعل الجيش ما بين اللاعب رقم واحد في مسرح السياسة المصرية في بعض الأحيان إلى اللاعب رقم واحد و إثنان و ثلاثة في أحيان أخرى كما هو الآن. 

ليس من المنطقي بالطبع إعتبار أن دولة يوليو لازالت قائمة كما هي, فدولة يوليو تعرضت لضربات قاصمة, أضعفتها و أوهنتها كثيرا و لكنها لم تقتلها بعد... أهم هذه الضربات كانت برأيي فشل الوحدة السورية ثم حرب اليمن و هزيمة 67 و إغتيال السادات و 25 يناير.... ربما - أقول ربما- كان من الممكن أن تموت دولة يوليو السياسية و الإجتماعية لو نجح مخطط الطفل المعجزة جمال مبارك و تمكن من إعتلاء سدة الحكم بطريقة غير عنيفة في السنوات الماضية -بفرض عدم وقوع 25 يناير-... غالبا كان ذلك سيكون مسمار نعش دولة يوليو الأخير كأوتوقراطية عسكرية محافظة لندخل عهد أوتوقراطية مختلفة ربما ما كان ليشبهها شيء إلا لو كانت مثلا تولت إيميلدا ماركوس حكم الفلبين!!

25 يناير - التي يقول البعض بأنها أنهت دولة يوليو و هي بالتأكيد كانت تهدف لذلك- منحت برأيي و دون أن تقصد دولة يوليو قبلة حياة و إشترت لها وقتا على جهاز التنفس الصناعي... فهي رغم أنها طعنة في قلب دولة يوليو إلا أنها لم تنجح بعد في الإجهاز عليها بل مدت في عمرها سنوات قلائل... و لعل هذا الفضل اليسير هو ما يدعو الديكتاتورية السياسية الحالية لإبداء شكر مر تجاه يناير في المحافل العامة و على شاشات التلفزيون ثم تستعيض عنه لاحقا ب30 يونيو!!

ثانيا: هزيمة 5 يونيو 1967

تستطيع أن تسميها نكسة إن كنت تفضل المسميات "الشيك" و لكنها كانت هزيمة ساحقة - بكل أسى- لجيش لم يتمكن حتى من أن ينال فرصة الحرب. هزيمة 1967 هي العنصر النفسي الأكثر تأثيرا في الشخصية المصرية برأيي في القرن العشرين و مطلع الحادي و العشرين الذي مر منه عقد و نصف...

لم تكن الهزيمة نفسها هي المشكلة, فقد هُزمت الجيوش العربية مجتمعة و منها المصري في 1948 و لم يكن لهذه الهزيمة تلك "الكسرة" التي أوقعتها في النفس و الوجدان و ما ورائهما حرب يونيو. كانت المشكلة في سقوط من علٍ ساعدت فيه و مهدت له القيادتان السياسية و العسكرية لمصر في ذلك الوقت في جريمة من أكبر الجرائم التي إرتكبها حاكم لمصر في حق أهلها على كثر هذه الجرائم. أخذت هذه الهزيمة جيلا كاملا من الشباب و الرجال و النساء و قذفت بهم في صفوف الحيرة و التردد و عدم التصديق و مراحل الحزن الخمسة الشهيرة... فمنهم من هاجر للخارج و منهم من هاجر للداخل و منهم من كفر بكل شيء و منهم من تشدد في كل شيء و بدا أن مصر في عشية تلك الحرب الخاطفة صورة مهزوزة من بلد آخر. 

كانت هذه الهزيمة - التي لازالنا نعاني من أثار من عانوا منها رغم حرب أكتوبر الرائعة- من عناصر الماضي الحاضر التي حددت العقيدة العسكرية للجيش و الشعب و حددت العدو بوضوح - حتى إهتزت صورة العدو مؤخرا- و ضربت مشروع دولة يوليو ضربة قوية

كانت هذه الحرب و تلك الهزيمة برأيي مؤسسا أصيلا للحادثة الثالثة

ثالثا: إعادة تأسيس الجماعات الإسلامية في السبعينيات

في السبعينيات إتخذ الرئيس "المؤمن" محمد أنور السادات قرارا في ذلك الوقت بعودة الأحزاب ليؤسس ديكورا صممه و أسسه في سبيل رؤية راودته لمصر ما بعد حرب أكتوبر... فقام بإخراج عدد من قادة الإسلام السياسي من السجون من الإخوان و سمح لهم بممارسة عمل سياسي مشروط. و هو ما تزامن مع ظهور الجماعة الإسلامية التي أسست شعبية كانت قوية في ذلك الحين على رفض شرعي - من وجهة نظرهم- للسلام مع إسرائيل علاوة على أفكار جهادية تكفيرية تضمن تكفير المجتمع و الحاكم و الدولة - في تخريجات شرعية ساهم في تأسيسها دون شك و بإعتراف الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح في مذكراته المملكة العربية السعودية -في نفس الوقت الذي كانت فيه جماعات مثل التكفير و الهجرة و الجهاد تزدهران. أيضا كانت تتأسس في ذلك الوقت - الفترة التي يُعرفها أبناء تيار الإسلام السياسي بالصحوة- الدعوة السلفية بمدينة الإسكندرية على يد محمد إسماعيل المقدم و سعيد عبد العظيم و أخرين الذين خرجوا من عباءة الجماعة الإسلامية منشئين سلفية علمية أكثر سلبية من السلفية الجهادية الأكثر فورانا و عداءا بالطبع للسلطة.

من عجب أن كل من شملتهم الفقرة السابقة و معظمهم أحياء كانوا طلبة في ذلك الوقت في كليات الطب و الهندسة و الزراعة و غيرها و كان أن التقوا بالمخضرمين من جماعة الإخوان المسلمين الخارجين من السجون و لعائدين من الخارج بعد ضربات النظام الناصري ضدهم... لينشأ تيار الإسلام السياسي بفروعه المختلفة التي لازالت معنا حتى اليوم بأفكارها و شخوصها و أحقادها القديمة

كل هذه الحوادث الثلاث تشكلت و تفاعلت بصورة درامية مؤثرة لتخلق لنا واقعا نعيشه اليوم... واقع اختلطت فيه السياسة بالدين و المحبة بالكراهة الشخصية بين أبطال العرض المسرحي الذي نشاهده و لا نستمتع به و لا يحق لنا المشاركة فيه أو الإعتراض عليه

خلقت هذه الحوادث الثلاث مصر اليوم... الأوتوقراطية التي تضرب الثيوقراطية بالدكتاتورية لتعود السلفية الجهادية فتضربها و هكذا دواليك بينما نجتر نحن أحزان هذه و لطميات تلك. و لا مانع من أن نشارك أحيانا نحن اللامنتمين المهمومين بشأن الحياة اليومي العادي هؤلاء في معتقلاتهم أو هؤلاء في هسترياتهم كأي "كومبارس" مخلص في عمله يردد جملته الواحدة التي لا تتغير من بدء العرض حتى يوم الرب هذا "يحيا شخص ما" و "بالروح بالدم نفديك يا شيء ما"

ربما لو أمعنت النظر فلن تجد فارقا أيديولوجيا يذكر بين هذا البطل و ذاك.... هو فقط فارق في الأزياء و المكياج و لكن حتى مؤخرا تشابهت الجمل الحوارية في تكرار ممل لعرض فاشل لم يعد يجذب إلا المجاذيب

لتظل أنت و أنا و من يأتي بعدنا حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا أسرى لماض يأبى إلا أن يذهب و يترك فرصة كانت سانحة لخلق جديد....

فهل ستكون الفرصة سانحة من جديد لخلق جديد بعد أن يعمل ملك الموت عمله في وقت محتوم و يجمع زمرة الماضي الكئيب الذين يأبون الجلوس على دكة الإحتياط و يصرون على أخذ المستقبل معهم ليجاورهم حتى في لحودهم؟

الأحد، 29 نوفمبر 2015

تقييمي لإستخدام خدمة Uber لأول مرة في مصر

النهاردة كانت اول تجربة استخدم فيها خدمة Uber... لمن لا يعلم هي عبارة ببساطة عن تطبيق على التليفون "برنامج يعني بتنزله ببلاش على موبايلك" من خلاله بتطلب سيارة تقوم بنقلك من مكان لمكان... زي التاكسي لكن مع فروق خرافية....
اولا حضرتك بتطلب السيارة من خلال تطبيق التليفون، مش بتتصل بحد، مجرد بتحط على الخريطة اللي في البرنامج مكان بداية الرحلة "المكان اللي انت فيه او هتركب منه" و مكان نهاية الرحلة "الحتة اللي انت رايحلها"
البرنامج مصمم بحيث يُظهر على الخريطة السيارات المتاحة في دايرة قريبة منك في حدود دقايق "١٠ دقايق بالكثير" لو مفيش عربيّات حواليك في الدايرة دي التطبيق هيقولك جرب بعد شوية
بعد تأكيد الطلب، هتشوف المدة اللي العربية اللي جايالك هتستغرقها و مكانها اللحظي على الخريطة و كمان اسم و صورة و رقم تليفون السائق و رقم و موديل العربية
هتوصلك العربية هتركب و توصلك مطرح ما انت محدد سواء عن طريق ال GPS او انت ممكن تخلي السائق ياخد طريق تاني لو تحب
بعد الوصول هيجيلك طلب لتقييم السائق مصحوب بخريطة للمسار اللي انتوا فعلا مشيتوا فيه ووقت الركوب و الوصول و زمن الرحلة و المسافة و تكلفة الرحلة بالقرش
الخدمة متاحة ف القاهرة من شهور عديدة و بها عدة آلاف من السيارات و في اسكندرية بدأت يوم ٢٧ نوفمبر ٢٠١٥ و لسة عدد السيارات اتنين فقط بس السواق قالي انهم في خلال أسبوعين هيكونوا عشرة
الخدمة دي مناسبة جدا جدا لحاجات كتير، مشاوير المطار، استخدام واحد رايح وسط البلد او مكان مزدحم و مفيش ركنة و دي كانت حالتي النهاردة، استخدام السيدات بأطفالهم للمشاوير بتاعة النادي و كارفور و خلافه لانه آمن جدا... لو حابب تركب وممعكش فلوس لإنك ببساطة مش هتدفع كاش... انت بتسجل الكريديت و الفلوس بتتحول مباشرة من غير تداول بينك و بين السائق... كمان لو نسيت حاجة في العربية مش هتضيع... مش هتفاصل في الحساب و عارف متوسط التكلفة من الأول... لو رايح سهرة أو مسرح أو فيلم و لابسين بدل و سواريهات بقى مش محتاج تسوق و تقرف روحك لإن الخدمة 24 ساعة
التكلفة كانت 32 جنيه بالنسبة لمشوار من جرين بلازا لحد المنشية عند شارع النصر عن طريق الطريق السريع.... أنا مش من مستخدمي التاكسي الأصفر في الأسود التقليدي بس أظن إن التكلفة مش هتكون مختلفة عن كدة مع الوضع في الإعتبار الفارق في نوع السيارة و جودتها و أمان الرحلة "أظن التاكسي العادي مش أقل من 25-30 جنيه لنفس المشوار".
العيوب هي عيوب مصرية بالأساس... الخدمة دي موجودة تقريبا في قارات العالم الست دلوقتي و كل المدن المهمة ف الكوكب... بس طبعا السواق وصلي متأخر لأنه كان جاي من سان ستيفانو و المفروض مكنش يقبل الطلب مدام بعيد "هو استغرق حوالي 20 دقيقة للوصول" و المفروض ان تعليمات Uber أنه ما يكلمش الراكب إلا إذا الراكب كلمه مثلا بس الولد دة - رغم إنه كان لطيف و مهذب الحقيقة- كان بيعمل دعاية عن الخدمة و إنه من القاهرة و إلخخخخخخ كالعادة. العربية كانت نظيفة "كانت جيلي إيميجراند" بس مكنش مشغل التكييف -هو أنا مكنتش هأطلب تشغيله بس هو المفروض يسألك"
أنا مدفعتش فلوس في الخدمة خالص لإن كان عندي Promotion code جايلي فخدت توصيلة لحد 70 جنيه ببلاش... و لما وصلت إدوني كود أديه لحد ما كنش مسجل يسجل به و يأخد كمان توصيلة مجانية ب70 جنيه... يعني حضرتك تنزل الأبليكيشن و تدخل الكود AHMADS1528UE هتأخد برضو توصيلة مجانية في حدود 70 جنيه...
محتاج إيه للتسجيل؟
موبايل سمارت فون عليه نت و GPS و تسجل عندهم الكريديت كارد "طبعا دة بيتم استخدامه من خلال secured network, يعني بيانات البطاقة في أمان تام"
استخدموه بقى و استخدموا الكود دة كمان عشان تجربوا مرة ببلاش و اضربوا التاكسيات المقرفة دي بالصرمة

الأحد، 15 نوفمبر 2015

لماذا "يتدعشون"؟

سؤال الساعة بعد هجمات باريس و قبلها بيروت و قبلها الطائرة الروسية و و و عشرات الهجمات الأخرى ذات الطبيعة العنيفة و العسكرية / المخابراتية - من حيث التخطيط و التنفيذ- هو لماذا ينضم مئات من الشباب من خلفيات إثنية و إجتماعية و إقتصادية مختلفة لهذا التنظيم البائس؟ ما الذي يدفع شابا في مقتبل العمر أو شرخ شبابه للإنضمام لجماعة ما ترسي القتل و التصفية الجسدية كغاية ووسيلة لإنشاء كيان هلامي غير مُعرف و لا محدد لم يدركه أيا منهم في حياته الرغدة حينا و الصعبة أحيانا؟

ما هو التفسير الذي ينطبق على أبناء العائلات الثرية من مصر الجديدة و الطبقة العاملة الفقيرة من ضواحي بروكسل مثلا و يجمعهم في تضاريس صعبة و حياة لا يمكن وصفها بالرغد في بلاد لم و لن توفر لهم أي شيء؟ حتى لو صحت قصص الفتيات الأسيرات لديهم و التي يتزوجونها تحت مسميات غريبة فهل عجز هؤلاء و هؤلاء عن أن يجدوا فتياتهم في الوطن؟

هل هناك أصلا تفسير واحد يبرر لكل هذا الطيف المتنوع التحول من شاب عادي و ربما لطيف إلى قاتل محترف يزعم القتل بإسم الرب؟؟

هذه محاولة ساذجة مني و ربما ركيكة لتفسير هذا الأمر

إن الهوس الديني هو مسألة قديمة قدم الأديان نفسها, الهوس الديني كما أُعرفه هو التعلق بفكرة معينة لها طبيعة دينية أو لاهوتية و توحيد كل الأفكار و الألوان و الإختيارات و قراءتها من خلال هذا التعلق وحده فيصبح المرء كائنا أحادي الخلية, بلا عقل و لا قلب و لا مشاعر, هو فقط رسول ما لتنفيذ أمر ما. شهدت كل الأديان السماوية و الوضعية حالات واضحة من الهوس الديني يختلف من زمان لزمان و من مكان لمكان و إن كان الأمر في نهايته متشابه مشتبه. يتأله المهوس دينيا على كل الخلق بل و على رب الخلق بتفسير و تنفيذ أحكام نهائية غير قابلة للنقاش و لا النقض و لا الإبرام. و تختلف حضانات هذا الهوس بإختلاف الظروف و لكنها دائما خبيثة تظن أن لها القدرة على إدارة الهوس حتى حين.... و غالبا ما تفشل

شهدت اليهودية و لا تزال هوسا دينيا من بعض منتسبيها داخل الأراضي المحتلة و خارجها من أبناء المدارس الدينية و برعاية بعض الأحزاب و الأشخاص على غرار "شاس" و الحاخام عوفاديا يوسف

شهدت المسيحية و هي أكثر الأديان السماوية إنتشارا بجميع مللها قرونا كاملة كان فيها الهوس الديني هو الغالب و أنتج الحروب الصليبية و محاكم التفتيش و إنقاسامات لازالت أثارها بادية في دول بأكملها و جماعات من المخابيل كالكلوكس كلان "KKK" و الحزب النازي الألماني " NSDAP " بخلفيته القومية / الدينية و آخرين

و حتى الأديان الوضعية شهدت تطرفا و قتلا بإسم عقائدها

لم يكن الإسلام بمعزل عن هذا, فقد كانت الحرب بإسم الله قديمة من بعد وفاة الرسول "صلعم" بقليل و شهدت وقائع عنيفة بدءا من رفع القرآن على أسنة الرماح مرورا بكثير من الأحداث حتى يومنا هذا

كل المشترك بين هذه الأحداث هي إخلاص جماعة ما لفكرة عنيفة إخلاص لو أخلصوه لفكر عقيدتهم الأصلي لكانوا أسعد أهل الأرض

و لكن هل يفسر الهوس الديني وحده فكرة نجاح داعش - و هي إبنة سفاح لفكر القاعدة- في تجنيد ألاف البشر؟

الحقيقة أن ذلك لا يستقيم برأيي, فلا توجد فكرة أو دافع واحد يجمع كل هذه المشارب ليجندهم تحت لواء واحد من القتل و إستحلال - بل التلذذ- بالدماء

في أحد أفلام الحركة الأميريكية و الذي أُنتج عام 2012 بإسم "Jack Reacher" قال البطل طوم كروز "Jack Reacher" للبطلة روزاموند بايك "Helen Roden" في أحد المشاهد محاولا شرح لماذا قامت إحدى شخصيات الفيلم ذات الخلفية العسكرية بقتل عدة أشخاص عشوائيين بدون تبرير واضح 

"There are four types of people who join the military. For some, it's family trade. Others are patriots, eager to serve. Next you have those who just need a job. Then there's the kind who want the legal means of killing other people."

ترجمة الكلام بقليل من التصرف
"هناك أربع أنواع من الناس الذين ينخرطون في الحياة العسكرية, للبعض هو إرث عائلي. الآخرون وطنيون, يتحرقون للخدمة. بعد ذلك هناك من ينخرط لإحتياجه فقط لوظيفة ما. و أخيرا هناك النوع الذي يرغب في وسيلة قانونية لقتل الأخرين"

يمكننا بقليل من التعديل -إذا قبلنا هذا المنطق- أن نسقط نفس التفسير على داعش....
هناك من ينضم لها بميراث الفكر الجهادي الذي يستحل دماء الآخر لأسباب قد لا تجدي معه نقاشها كثيرا
هناك من ينضم "ظنا" منه أنه يدافع عن الدين -أي دين!- و يرى في هذه الحياة الدنيا إلهاءا عن هدفه الأسمى
هناك من ينضم للمزايا المادية و العينية و لا يعنيه أن يخدم الله أو الشيطان, ربه المصلحة

و هناك من يحتاج لوسيلة ما لقتل شخص آخر... لا يهم من هو... هناك شبق للدماء يحتاج للإرضاء

و غالبا بعد فترة يتحول الكل للنوع الأخير.............

"قد" يفسر ذلك هذا التنوع بين المنطوين تحت الراية الداعشية و تنوعهم, من غني يرى في الفكرة بريقا ما - لا أعرفه- لمختلين إجتماعيا و عقليا يحتاجون لمتنفس يبيح الذبح المطلق للصوص و قطاع طرق يتقربون لربهم زلفى -حسب ظنهم- و يمارسون السرقة "في الحلال" ..... إنه كإنشاء ناد للمجانين و المختلين و المهوسيين و جعل عضويته بالطلب.... لن يعجز ناد كهذا عن إيجاد أعضاء أبدا

السؤال... كيف تتخلص من ناد كهذا؟؟

الحقيقة المؤسفة أنك لا تستطيع... إنك لا تقضي على داعش -كمثال- للأبد, سيظهر غيرها بإسم آخر و تخريجات "شرعية" أخرى من وجهة نظرهم... إن التطرف و الهوس جزء من حياة الناس... إن الظن بالقضاء على داعش هو كإدعاء القضاء على الجريمة أو الفقر أو المرض... سيظل الطاعون يطل برأسه من هنا و هناك كل حقبة زمنية...

ليس معنى هذا أن نتقبل الوضع و نتعايش معه و نغض الطرف... حتى هذه الرفاهية و المقاربة لن تفلح و قد جربتها مثلا أوروبا عام 1932 مع صعود حزب العمال الألماني الإشتراكي القومي للسلطة "المعروف بالحزب النازي" و دفع العالم الثمن بما يزيد عن 50 مليون إنسان لقوا حتفهم في حرب مجنونة

لم تنشأ داعش اليوم و لم تنشأ في الفراغ الكوني لندعى أننا قد فوجئنا بها!!! داعش إبنة ثابتة النسب لعدد من التنظيمات و الأفكار و التفسيرات التي سبقتها و هي تقاتل على الأرض منذ سنوات في عالم به وسائل إتصال أكثر مما به من غذاء.... و لكن ما الذي فعله العالم ليوقف داعش؟؟؟

مسؤولية خلق و وأد داعش تقع بالدرجة الأولى على دول العالم الإسلامية... فمنها نشأت و فيها ترعرعت و منها تستقي الدماءين... دماء الحياة و دماء الموت... فمن الوقاحة أن نقول للعالم - المسؤول أيضا و لكن بدرجة أقل- أن عليه أن يعمل لإجتثاثها... و ماذا فعلنا نحن؟ ماذا فعل "رجال الدين" لدينا لها؟ كم رجل دين إسلامي تستطيع تسميته الآن يرى في داعش أكثر من "مجتهدين أصحاب أخطاء شرعية و هنات"؟؟ كم رجل سياسة حاول قتل "أسباب" الظلم الذي يحصل في بلادنا "الإسلامية" و ينتج بيئات حاضنة لقسم كبير من دواعش القول و الفعل؟؟ 

لو لدينا رجال يقيمون الدين و ليس "وظيفتهم" أنهم رجال دين و رجال سياسة و ليس أصحاب عزب و إقطاعيات ورثوها مع رتبهم العسكرية و أموالهم العديدة لربما لم تكن داعش الآن بهذا الخطر الذي صار واقعا و حقيقيا و مدمرا

ربما علينا أن ننظر عن إجابة عنوان المقال داخلنا أولا قبل أن نتهم مؤامرة ما خفية بخلق الوحش الذي ربناه بين ظهرانينا.... ربما علينا أن نفعل ذلك و لو حتى معذرة إلى ربنا عن دين و نفس أضعناهم كما لم يكن ليقدر أن يفعل أكثر خصومنا لؤما


الأربعاء، 4 نوفمبر 2015

اسكندرية بتغرق

رأيت فيما يرى النائم أنني قد تعينت في الحكومة في وظيفة "أغبى موظف في الحكومة" حيث تقتضي وظيفتي أن أؤدي عملي بالحد الأدنى الممكن من الفهم و العقل بالدرجة التي تقيني فقط أن أُصنف من ضمن ذوات الأربع

و قد عُهد إلى بعمل دراسة عما حدث و لا زال يحدث في الإسكندرية, حيث أنني ولدت و عشت كل حياتي فيها, و ذلك لتتمكن الحكومة من إتخاذ القرارات المناسبة و ليتمكن البرلمان من مراقبة الحكومة رقابة فعالة.

و عليه قررت تشغيل الحد الأدنى من مفهومية الشخص الطبيعي و أن أحاول أن أتعرف إلى ماهية المشكلة... وجدت عدة أسئلة تحتاج لإجابات

هل الإسكندرية تغرق؟
لماذا تغرق الإسكندرية؟
هل ستستمر الإسكندرية في الغرق؟
هل هناك حل لغرق الإسكندرية؟ توصيات للتخفيف من حدة الكارثة؟

بدأت بالسؤال الأول... هل تغرق الإسكندرية؟
من وجهة نظر الأمطار, لا أجد ذلك منطقيا... بمعنى أن معدلات سقوط الأمطار تبدو لي طبيعية و متسقة مع ما أذكره عن الإسكندرية طوال حياتي... أذكر في الثمانينات و أوائل التسعينيات وجود بعض الأماكن و الشوارع في الإسكندرية مثل الإبراهيمية مثلا حيث كان دائما ما يحدث بها إنسداد في قنوات تصريف الأمطار و كان يأتي رجال الصرف لتسليك بالوعة الشارع فتجري المياه مندفعة نحو قنوات التصريف -مع إتجاه ميل الطريق حيث كان الطريق مصمما بحيث تكون البالوعات في أوطى نقطة- و ينتهي الأمر في خلال ساعات محدودة... بمعنى أن المشكلة كانت في نقطة الإتصال بين الشارع و قنوات التصريف و بمجرد فتح هذه النقطة كانت المياه تندفع في مسارها الطبيعي للتصريف

"تقديري" أن معدل سقوط الأمطار في السنوات القليلة الماضية كان أقل من معدله الطبيعي و لكن ربما هذا العام اقترب من معدلاته الطبيعية

و لكن من وجهة نظر الأرض... الأمر مختلف تماما.... نعم الإسكندرية تغرق
سقطت 3 موجات أمطار على الثغر البئيس منذ بدء الخريف "لم يبدأ فصل الشتاء بعد بالمناسبة", و في الموجات الثلاث التي اختلفت درجتها و شدتها غرقت أنفاق المشاه و السيارات و الجراجات و الكورنيش و أماكن أخرى و إن كان الأمر بدرجات متفاوتة في كل مرة....

لم تمطر السماء و لا مرة هذا العام بدون أن تغرق الأرض... و لا مرة.....

طيب ما هو تعريف "معدل الأمطار"؟

هناك معدل سقوط للأمطار متعارف عليه لكل منطقة في العالم و هناك تعريف لمناخ كل منطقة يتم طبقا لكود كوبن للمناخ. تقع الإسكندرية طيقا لكود كوبن "و هو نظام تم تأسيسه أواخر القرن ال19 لتقسيم العالم لمناطق مناخية" تحت الكود "BWh" و هو الكود المستخدم للمناطق الصحراوية الجافة متماسة مع "BSh" بما يعني أن الإسكندرية تستقبل مناخيا قدرا من الأمطار أعلى من معدل المناطق الصحراوية إلا أنه لا يزال أقل من المناطق شديدة الأمطار

الإسكندرية و رفح هما أكثر مدينتين تستقبلان أمطارا في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية.... و يتم قياس المطر ببساطة بقسمة كمية حجم الأمطار "بالمتر المكعب" السنوي أو الشهري على مساحة الأرض "بالمتر المربع" لنخرج بطول يساوي معدل المطر السنوي أو الشهري لهذه البقعة من الأرض و يتم تعريفه الميليمتر أو بالبوصة طبقا لنظام القياس المتبع

متوسط الأمطار السنوي في الإسكندرية حوالي 200 مم و إن كان يزداد في بعض السنوات لحوالي 420 مم سنويا أي بمتوسط 18 مم شهريا وصولا إلى 38 مم شهريا في بعض السنوات و لكن تلك الزيادة نادرة

هل ذلك المعدل كثير أم قليل؟

السيد مدير الإدارة الهندسية في شركة الصرف الصحي بالثغر البئيس صرح في التلفزيون - و سمعته بنفسي- لمندوب برنامج وائل الأبراشي "أن الأرصاد الجوية أفادت بإستقبال الإسكندرية ل3.2 مليون متر مكعب ماء خلال النوة التي وقعت الأسبوع الماضي" ... مساحة الإسكندرية طبقا للويكيبديا 2679 كم مربع "اقسم حجم المطر دة على مساحة الأرض مضروبة في مليون لتحويلها للمتر المربع" يصبح الناتج 1.2 مم تقريبا و بفرض 4 مرات أمطار خلالا الشهر بنفس المعدل يكون الناتج 4.8 مم/شهر من الأمطار و هو في الحقيقة أقل بكثييييير جدا من معدل المطر الطبيعي للمدينة في شهر نوفمبر و يصل طبقا لموقع worldclimate.com إلى 34 مم/شهري... مش قادر أحدد أيهم أسوأ... هل الحكومة تكذب أم هي مصدقة لما تقوله و هي فقط منعدمة الكفاءة بحيث لا تدرك حجم حماقتها؟

بإختصار و لمن ينفر من الحسابات... معدل المطر حتى الآن في كل المرات التي غرقت فيها الإسكندرية هو أقل من متوسط المطر الطبيعي للمدينة على مدار سنوات القرن العشرين

طيب إذن لماذا تغرق الإسكندرية؟؟

الحقيقة لا أحد يعرف على وجه الدقة... و لا أحد عموما في مصر يعرف شيئا ما على وجه الدقة... زمان, كنت أعتقد أن الحكومة تميل لإخفاء المعلومات عن الشعب و العامة حماية لنفسها بسبب الفساد او الإهمال أو خلافه... مؤخرا هجرت هذا المعتقد إلى معتقد آخر... الحكومة مش مخبية... الحكومة لا تعرف... مش بس لا تعرف.. هي لا تعرف و لا تعرف أنها لا تعرف و تفخر بذلك... الحكومة حمارة... الحقيقة أن ذلك يبدو كلاما أكثر معقولية

المعلومات التي ذكرتها أعلاه ليست نتيجة دراسة سنوات و إنما نتيجة بحث إستغرق مجموعه حوالي 10 دقائق على الإنترنت... هل متخذ القرار لديه هذه المعلومات؟ هل هو مهتم أصلا أن يكون لديه معلومات؟ لا أعرف.... و غالبا هو أيضا لا يعرف

هناك تخمينات - هي كل ما نملكه للأسف - لأسباب الغرق, تدور حول التغير البيئي و انسداد الشنايش و ضم شبكة المطر للصرف... بل إن البعض طبعا حمَل الإخوان السبب و هو مبرر يصلح لكل شيء و أي شيء بدءا من التغير البيئي مرورا بالإرهاب وصولا لسقوط الأندلس و هزيمة طراودة أمام الإغريق.

قد تكون هذه الأسباب كلها مجتمعة و لكن الحقيقة أن الأكثر قربا من - أستغفر الله العظيم- المنطق هو مسألة ضم شبكتي الصرف و المطر و لهذا قصة أخرى

الإسكندرية من أكثر المحافظات التي وقعت بها مخالفات بناء صارخة و متحدية, و قد وقعت بتواطئ كامل و توافق و موافقة من الحكومة -من أوسخ موظف حي لحد المحافظ ووزير الحكم المحلي و رئيس الوزراء و رئيس الجمهورية- كلهم اتفقوا جنائيا -بقصد أو من غير- على الموافقة و التسهيل لهذه المخالفات التي ألقت في أقل تقدير 26000 مبنى - مش وحدة سكنية- على مرافق المدينة المهترئة في ظرف أقل من 10 سنوات. حين تم ضم شبكتي الصرف الصحي و المطر في "تخريجة" عبقرية لأحد رجال المحافظة في ذلك الوقت -أتمنى أن تكون غرفة نومه قد غرقت بماء المطر اليوم- مع حمل المباني الجديدة, لم يعد هناك مكان في شبكات الصرف -بفرض أنها تعمل بكفاءة أصلا- لقبول كميات المياه الداخلة من المطر... و لم يعد هناك حل أمام الماء سوي التكدس و الإنتقال للأماكن الأقل ضغطا - تنتقل الموائع من الضغط المرتفع للضغط المنخفض بس مصر مكنتش عارفة- فترى تلك المناظر في كل منطقة منخفضة أو ذات ميول عكسية في محافظة الإسكندرية

هل ستستمر الإسكندرية في الغرق؟؟

بإختصار و بهدوء و بوضوح... نعم

رد فعل المحافظة هذه المرة كان أفضل قليلا من المرة الماضية و تحركهم كان أسرع قليلا و لكن سيظلون خلف المطر بخطوة أو إثنين

على أقل تقدير سيكون هذا الشتاء كما شهدناه حتى الآن في شتوات ثلاث... ستغرق الشوارع و سينزل المحافظ أو من ينوب عنه ليقف في الشارع يزعق في التليفون لشخص ما وهمي عن أسباب تجمع المياه و سوف تجف المياه قليلا بعد يوم أو اثنين و ستشرب الأرض الباقي حتى النوة التالية و ستغرق سيارات شفط المياه في المياه و سيموت الناس غرقا أو صعقا او دفنا تحت أسقف بيوت مهترئة

لن يستطيع أحد إنقاذنا هذا الشتاء و ستلجأ الحكومة لحلول مسكنة تدعي بها كذبا انها قضت على المشكلة من رفع كفاءة طلمبات محطة الرفع لخطوط الصرف الصحي و ستنكشف الكذبة أول ما المطر يتقل إيده شوية أو الكهرباء تنقطع خلال المطر أو بعده قتتوقف الطلمبات أو يمر عام أو أقل و تقل قدرة الطلمبات عن رفع الصرف و المطر الداخل فوق أحمال الشبكة

هل هناك حل؟؟

نظريا نعم.... نحتاج لتطوير شبكة الصرف و فصلها فورا- كما كانت من قبل- عن شبكة تصريف الأمطار.... كم التكلفة؟

أكيد مش ال75 مليون اللي أقرهم مجلس الوزراء لحل المشكلة الشتاء القادم - من خلال حل رفع كفاءة الطلمبات اللي قولتلكم عليه-

دة مشروع يحتاج لمليارات كثيرة... بس طبعا مفيش فلوس - للحاجات دي-

هل أنت واثق من كل ما ذكرته؟؟
من معظمه... و لكن في الحقيقة أنا أثق بنسب أكبر فيما قلت من ثقة أي مسؤول حكومي فيما سيصرح به في ها الشأن.... الجكومة ليس لديها حل و ربما ليس لديها علم هو إيه المشكلة أصلا اللهم غير بدعاء حكومي شهير "ربنا يعدي الشتواية دي على خير"


#إسكندرية_بتغرق
#الموج_الأزرق_في_صالة_بيتك

الأحد، 1 نوفمبر 2015

الندوة التثقيفية للشعب

ناس كتير اتكلمت عن فحوى خطاب السيسي اليوم في الندوة "التثقيفية" للقوات المسلحة المصرية و تداولوا دعما أو رفضا أو سخرية مما قال...
أنا حبيت أفهم الكلام بنفسي, فتجاهلت ما قيل و جبت الفيديو و اتفرجت عليه....
قبل ما أتفرج دي تحفظاتي
* أنا مبحبش السيسي... مبحبش طريقته في الكلام... لا أعتبره سياسي من الأساس
و بدأت أتفرج مع الوضع في الإعتبار التحفظات السابقة و لي الملاحظات التالية:
* السيسي و قف و أوقف الحضور حداد على أرواح الركاب في الطائرة الروسية المنكوبة.. و دة شيء طبيعي. بس هو قال "إننا مش عاوزين نتكلم بدون معلومات عما حدث" في ظل قلق - و لو ضئيل- من مسؤولية التيارات الجهادية الداعشية عن الأمر هذا الكلام غير موفق... ينبغي إنه يدي توقيت واضح -زي ما بيدي توقيتات واضحة و إن كانت غير منطقية و لا عملية برأيي للمشروعات اللي بينفذها- لإمتى هنعرف معلومات في موضوع مهم و حساس زيي دة
* السيسي إتكلم عن أهل الشر و خلافه... يا ريت يبطل الكلام الفارغ دة... أسلوب التلقيح و عن المبني للمجهول بصورة دائمة ممكن يبين إنك كبير و غامض كدة لما تكلم إبن أختك عن مغامراتك في ثانوي مش لما تكون بتمثل مصالح دولة
*إتكلم عن الكهربا و حجم الطاقة اللي دخلت على الشبكة و اللي هتدخل حتى مايو 2017 و دة كلام كويس و توضيح بالأرقام -ينبغي أن يكتفي بذكر الأرقام لأن هرتلته الجانبية أصبحت لا تطاق و أكثر مما ينبغي... بقت شبه مرسي و ربنا-...
*موضوع "كلنا على قلب رجل واحد" دة بيكرره بصورة أصبحت غير مريحة... ما هو المقصود بدة؟ يعني عاوز إيه...
*قال إننا هنرجع بالأمن الجنائي لما قبل 5 سنوات... يا ريت والله حد يفتكر الأمن الجنائي كان عامل إزاي من 5 سنوات؟؟؟ أيوة... بالضبط... كان بلا وجود زي دلوقتي و أزعم أن الأمن الجنائي يمكن تتبع بعضا من آثاره قبل 15 عاما أو يزيد و ليس أقل من ذلك أبدا
*قال "بنهاية نوفمبر الحالي لن تكون هناك مشكلة غاز لا للمستثمر الحالي ولا للمستثمر الجديد".... الحقيقة دة كلام غريب... للمعلومية في عدد من مصانع الأسمدة الأسمنت و الحديد "كثيفة الإستخدام للغاز" متوقفة تماما أو تتناوب التوقف لتوقف إمدادات الغاز. للتذكرة, حكومة نظيف ووزير بترولها نشروا أرقام إحتياطي "كاذبة" للغاز في مصر تمثل أكثر من ضعف الأرقام المكتشفة في ذلك الوقت و مارسوا ضغوط على الشركات الأجنبية لإعلان أرقام غير حقيقية يعني بإختصار هناك تاريخ مثبت لكذب الحكومة... و دة كان سبب جزئي من مشكلة الغاز اللي إحنا فيها قبل تشغيل حقل شروق- ودة لسة بدري عليه-... من أين حللت مشكلة الغاز يا هذا؟؟ هل إستوردته؟ منين؟ بكام و كمية قد إيه؟؟ و لا برضو أهل الشر مانعينك تقول يا حويط؟
*لا خلاف على الأهمية القصوى و الحرجة للبنية التحتية... بس الأموال اللي بيتم تمويل البنية التحتية بها هي أموالي و أموالك... كيف تم إنفاق هذه الأموال و في أي إطار و من راقب إنفاقها في ظل فساد مالي مستشري في كل المؤسسات بما فيها المؤسسة التي تشرف على كل هذه المشروعات؟ و من أقر العبء المالي المترتب على قروض تم أخذها لهذه المشروعات سيدفعها أبنائي و أبناؤك؟؟
*سؤال جانبي.... هو بيخاطب مين؟ "أنا واحد منكم".... "جبتوني و قولتولي خلي بالك فأنا بأخلي بالي..." إلخ... بيخاطب مين؟ المواطنين الذين إنتخبوه؟ أم زملائه في القوات المسلحة؟
*أما ما قاله بخصوص الإقتصاد و حماية الأموال و حرية حركتها فلا يستحق التعليق الحقيقة... أي حد بيشتغل في تجارة الكبريت حتى عارف الوضع الحالي عامل إزاي... دعوه في كوكبه عهذا الكلام غير صحيح على أقل تقدير إن لم يكن كذبا صريحا
*"آحر الشهر دة, هتكون الدولة خلصت تدخلها لتقليل الأسعار بشكل مناسب".... إزاي؟ منين؟ بتكلفة إيه؟ مين اللي هيحل يا ريس؟ الدولة و الجيش... على اعتبار إن الدولة منفصلة عن الجيش... و ربما يكون
...لا أعرف ماهية قياس الأسعار و ما هو المستهدف من التدخل و كيفيته... بس هو غالبا هنشوف مع بعض كلنا و الريس ساعتها هيطلع يعملنا كلنا "بخخخخخخ"
* هو محق في ما قاله عن النمو السكاني... و الدولة لم تتدخل بأي أداة مالية أو ضرائبية - مثلا- للحث على إتجاه معين
* ما ذكره بخصوص مدينة الأثاث شيء كويس و أفلح إن صدق
* كل ما سبق كوم و ما قاله عن الإعلام و الصحافة كوم... فخامة الرئيس مستاء جدا من إن الصحافة تذكره و تسأل أين هو مما حدث في الإسكندرية!!! و اللي طالع عليه "إيه دة... ميصحش كدة" "إنتوا بتعذبوني إني جيت وقفت هنا"... طبعا يا ريس ميصحش... حطه في النوتي كورنر... حاجة لطيفة جدا... اتفرجوا من الدقيقة 47 كدة...
*الريس بيسأل نسبة المشاركة عندنا كام و برة كام... أحب أقوله عندنا المشاركة 25% و متوسط المشاركة النيابية في العالم 62%.. بس الحمد لله هو شايف إن التحديات اللي عندنا أكبر من مين نزل و مين منزلش... أنا برضو شايف كدة
*آخر جملة في الحوار كاشفة والله "قالك يا عم إنت بتسافر كتير ليه... يا عم خليك في اللي إنت فيه... هههههه... مش ممكن"
السياسي الذي لا يذكر أرقام هو بالضرورة كذاب
ملخص الكلام بالكامل بعد سماع كل الخطاب
في تحديات... عاوزين أمل و قولوا للناس حاجات حلوة... بدون أرقام و لا توضيحات و هو كدة و خلاص... محدش يجيب سيرتي و إيه دة ميصحش كدة.... لا تختلفوا... كله لون واحد و شكل واحد و رأي واحد.... محدش له دعوة أنا بأعمل إيه...

الفيديو أهو.... http://www.klma.org/video/47402

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

الإدارة.... ورقة بحثية عن نموذج لإحدى الشركات المصرية

المقال هذه المرة مختلفة... قد تبدو متخصصة و لكنها في الحقيقة تهم غالب القراء فهم إما مخاطبون أو منتمون لمؤسسات مثل المؤسسة الممثلة في هذه المقالة. دة جزء من ورقة بحثية عملتها منذ 4 سنوات على نموذج لإحدى الشركات الحقيقية التي أخفيت بياناتها.... أرجو أن تستفيدوا منها

ملحوظة: الجزء المنقول للمقال خاص فقط بالمقدمة و التعاريف و توصيف المشكلة, الجزء الخاص بالحلول غير مدرج حيث أنه يخص المؤسسة موضوع البحث

"مقدمة:

تعد مسألة فاعلية أداء موظفي المؤسسة (أي مؤسسة) هي الشغل الشاغل (أو هكذا ينبغي أن تكون) للمدراء التنفيذيين للمؤسسة. و لتعريف الفاعلية ينبغي عمل مجموعة بسيطة من التعريفات الأخرى ذات الصلة.
** تتكون المؤسسة من مجموعة من الأفراد يعملون معا ,كل في مجال تخصصه لخدمة هدف موحد للمؤسسة يكون عادة مرتبطا بالربح (في حالات المؤسسات التي تهدف للربح).
** أفراد المؤسسة هم العاملون بها الذين يحصلون على كسب عيشهم من العمل بها كل أو جزء من الوقت و يؤدون أعمالهم بصورة تخدم هدف أو أهداف المؤسسة
** الفاعلية للمؤسسة هي حاصل قسمة المخرجات من العملية الإنتاجية (سواء كانت سلعا أو خدمات) على المخرجات القصوى التي يمكن التحصل عليها من نفس العملية عند ثبات المتغيرات الأخرى شريطة أن تكون مخرجات العملية تخدم هدف المؤسسة. فمثلا حين تكون فاعلية المؤسسة 40% فهذا يعنى أن المؤسسة تنتج فعليا 40% مما تستطيع نفس المؤسسة أن تنتجه في ظل نفس الظروف, بمعني أخر أن نسبة الفاعلية هي ما يبقى من نسبة الفاقد في العملية الإنتاجية, ففي المثل السابق تكون نسبة الإهدار في الإنتاج هي 60%!!
لا شك أن كل المؤسسات –شأنها شأن كل العمليات البشرية- تخلو من الفاعلية بنسبة 100 %, فكل ما يصنعه البشر مصيره النقص, إلا أن ذلك لا علاقة له بالسعي الدائم و الحثيث لتطوير الأداء و رفع الفاعلية و استهداف أهداف واقعية و قابلة للتحقيق و لكنها لا تزال تثير حماس و تحدي العاملين بالمؤسسة. و عندما تتمكن بعض المؤسسات من تحقيق فاعلية بنسب 80 و 90% بل و أكثر من ذلك, يصبح موقف المؤسسات التي تعمل عند حدود 20 و 30% مثيرا للحرج.

الحقيقة أن كل مؤسسة تحمل داخلها أسباب نجاحها و فشلها, و يتحمل فريق إداراتها دائما الجانب الأكبر من المسئولية في الحالتين, فهو (هذا الفريق) سبب النجاح و سبب الفشل, و إن كان ليس المسئول الأوحد إلا انه مسئول بدرجة كبيرة حيث ينطبق على هذه الحالة في ظني مبدأ 80-20
و هذا المبدأ هو مبدأ عام يقول بأن 80% من الأحداث (الأخطاء, المشاكل, الحوادث......سمها ما شئت) تحدث بسبب 20% من الأسباب. فمثلا, طبقا لهذه النظرية فإن 80 % من حوادث السيارات تحدث بسبب 20% من الأسباب (مثلا هذه ال20% من الممكن أن تكون سوء حالة الطرق و سلوكيات القيادة الرديئة)و فلو تمكنا من تحسين سلوكيات القيادة و القضاء على عشوائيتها و رفع مستوى الطرق سنقضى على 80% من الحوادث و هذا فقط على سبيل المثال. و من هنا فإن أداء فريق الإدارة (شريطة أن يكون كامل السلطات و الصلاحيات) هو المسئول الأول و الأكبر عن نجاح أو فشل أي مؤسسة.

ومثلما تزداد الأرباح بزيادة الإيراد أو بخفض المصروف, فإن الفاعلية تزداد بجانب من اثنين, إما بزيادة العملية الإنتاجية (من ساعات عمل و عمالة و استثمارات) و هو أسلوب غير مضمون خصوصا إذا لم يكن أسباب ضعف الفاعلية محددا و قد يؤدى إلى نتائج عكسية, وإما بتخفيض الفاقد, وهو الأسلوب الأكثر صعوبة و الذي يتطلب مجهودا و عملا وتعاونا أكثر (و في بعض الأحيان تضحيات) و لكنه صاحب النتائج الأنجع و الأفضل.
أسباب انخفاض الفاعلية:
الحقيقة أن أسباب انخفاض الفاعلية هي نفسها أسباب زيادة الفقد في العملية الإنتاجية و تتلخص فيما يلي:
  1. ضعف الكفاءات: الكفاءات في سوق العمل المحلى مع الآسف قليلة العدد نسبيا,  و الكفاءة ليست فقط القدرة على أداء العمل وإنما هي القدرة على أداء العمل بصورة جيدة و في زمن محدد و بالطريقة الصحيحة مع الاحتفاظ بسلوك طيب و مبادر تجاه العمل و العاملين, و لا شك أن هذا التعريف يرفع مستوي التعريف بالنسبة للكفاءة إلى مستوى جديد. و الحقيقة أيضا أنه من فضل الله فإن المؤسسات لا تحتاج أن يكون كل العاملين بها من الكفاءات و إنما تحتاج كل مؤسسة إلى عدد ما من هؤلاء في الأماكن الصحيحة ليكونوا قادة و أمثلة حية أمام زملائهم ليقتادوا بهم و يصبغوا فريق العمل بصبغتهم المرجوة.
  2. غياب روح الفريق: حتى و إن كان الفريق بالكامل من الكفاءات سالفة الذكر و لكن روح الفريق غائبة أو أن التنافس الداخلي يؤدى إلى التنافر بدلا من التعاون, فلا خير يرجي من هذه الكفاءات.
  3. غياب الانضباط: الحقيقة أن الانضباط هو الخيط الذي يربط كل العناصر الأخرى معا و هو الذي يضع اجتهاد العاملين في إطاره الصحيح و يشكل الفارق بين أداء الكفاءات في المؤسسة. و كلمة الانضباط لها سمعة مشوشة في مجتمعنا المصري حيث أنه يخلط بينها و بين التزيد و الشطط, بينما الانضباط جله  التزام العاملين بكل واجباتهم بما تقتضيه أمانة المهنة و كذا (و هو الجزء الذي ينساه البعض) التزام المؤسسة بكل واجباتها القانونية و المعنوية تجاه العاملين.
  4. غياب ثقافة الفصل: الحقيقة أن الثواب و العقاب جناحان لا غنى عنهما لأي مؤسسة تبغي النجاح, و لو أن الثواب بديهيا لدى أغلب المؤسسات, إلا أن العقاب لم يعد يأخذ نفس البديهية, ووجود ثقافة الفصل (و تعنى يقين المؤسسة و العامل بإمكانية الاستغناء عن أي عامل حال حدوث ما يستلزم ذلك) ضرورة لاتزان الأمور, إن المؤسسة التي يعتقد عاملوها أنهم لا يمكن فصلهم أو أن صاحب المؤسسة لا يضع موضوع الفصل موضع النظر إلا في الأحوال القصوى (الاختلاس مثلا) تميل إلى زيادة الفقد في فاعليتها فهي كما يقال بالإنجليزية (Taken for granted). فمثلا عندما يفشل رجال الحسابات في عمل ميزانية صحيحة, أو حين يفشل المهندسون في إدارة مشروع ما بصورة جيدة أو حين يفشل مدير ما في تحقيق أهداف المؤسسة عام بعد عام, يصبح غياب الفصل  هنا ظلما للمؤسسة و للعاملين الذين يؤدون عملهم بكفاءة و للعاملين غير المنتمين للمؤسسة الذين أضحوا أكثر جدارة بمكان الذين أخفقوا في أداء الأعمال الموكلة إليهم. لا يدخل ضمن ذلك الإخفاق نتيجة الظروف القاهرة (الظروف السياسية و الأمنية العنيفة, الظروف الشخصية القهرية....الخ). في النهاية, لا يجوز لأي مؤسسة أن يتواجد بها عنصر لا تحتاجه, أو لا يمكنها الاستفادة منه أو يمكنها الأداء بفاعلية من دونه لفترة كبيرة, فهذا يعد رسوب إداري واضح
  5. غياب ثقافة المكافأة: (قل هل يستوي الذين يعملون و الذين لا يعملون) سؤال قرآني استنكاري يلخص هدف النقاط 4 و 5. كما أن ثقافة الفصل ضرورة, فكذا ثقافة المكافأة, التي ينبغي أن تكون علنية (في مستحقيها و ليس في قيمتها). فهي ضرورة لا غنى عنها لرفع فاعلية المؤسسة.
  6. غياب الإستراتيجية و غموض الأهداف: إن أي مؤسسة في العالم لابد أن يكون لها هدف أو أكثر, و بما أن الأهداف تحققها الإدارة باستخدام العاملين فقد أصبح وصول رسالة الأهداف للطبقات الأساسية من المؤسسة ضرورة ملحة, و لا يكتفي فقط بالإدارة العليا في الإلمام بالأهداف (أو لنسمها الاستراتيجيات). يمكن أن تكون التكتيكات (أو وسائل تحقيق الأهداف) مستترة عن بعض أجزاء المؤسسة حرصا على النجاح و لكن إخفاء الإستراتيجية يعد هرولة سريعة إلى فشل المؤسسة.
  7. غياب القياسية و التدوين: تعد مشكلة غياب القياسات و التدوين مشكلة مزمنة و مشتركة في 90% من المؤسسات العربية عامة و المصرية خاصة. و في كثير من النسبة التي تلجأ للتدوين و القياس فإنها تفعل ذلك طلبا للشهادات المختلفة مثل الأيزو دون تطبيق حقيقي لهدف القياسية. و يعني بالقياسية (Standardization) وجود إجراءات مدونة و محددة و شاملة لكل حالات العمل الاعتيادية بهدف عمل حالة من السيولة في العمل و توحيد مستويات الأداء بين مختلف العاملين و كذا تقليل اعتماد المؤسسة على الأفراد و زيادة اعتمادهم على النظام العام. و عادة ما يلاقى التدوين و القياسية معارضة طبيعية من العاملين بالمؤسسات التي تحاول فرضه نتيجة لاعتبارات مختلفة غالبيتها خاطئ, حيث يعتقد البعض بتناقص أهميتهم للمؤسسة بوجود هذا العامل أو بعدم أهميته,بل يصل الأمر بالبعض إلا الإدعاء بضرر هذا الأمر على العمل و هو ادعاء عار تماما من الصحة. عموما, ينبغي فرض هذا الأمر دون خسارة تأييد العاملين له و يجب أن يتم ذلك في صورة تجعل منه صورة من إستراتيجية الشركة مع دعم كامل له من مجلس الإدارة. كما ينبغي الانتباه إلى أن هذا الأمر دائم و مستمر و ليس مرحلي, و عليه ينبغي مراجعة مدى قياسية الأداء و الإجراءات المسجلة كل فترة لا تزيد على العام للتأكد من بقاء الشركة في الدائرة المطلوبة

يمكن أن تحتوي المؤسسة ذات الفقد الكبير كل أو بعضا مما سبق, و يمكن أن تحتوي على مسببات مختلفة و لكن في الأغلب الأعم ستكون هذه الأسباب هي من ضمن الباقة الرئيسية, و نذكر ثانية بمبدأ 80-20, فلو نجحنا في حجب هذه الأسباب فإن رفع فاعلية المؤسسة يصبح أمرا ضمنيا.


إستراتيجية المؤسسات و دور الإدارة:
يعرف علم الإدارة المعاصرة دور الإدارة بأنه يتضمن 4 نقاط أساسية لا يمكن أن يؤديهم سواها:
  1. التخطيط: و يتضمن وضع الخطط طويلة و متوسطة الأجل و أحيانا قصيرة الأجل حسب حجم المؤسسة, و حجم المؤسسة هنا هام, ففى المؤسسات الكبيرة يترك أمر التكتيك (أو الخطط قصيرة الأجل) التى تستخدم في تنفيذ الإستراتيجيات (الخطط طويلة الأجل) للقيادات الوسيطة. عموما التخطيط لابد و أن يكون مرآة تعكس أهداف المؤسسة و من يبرز أهمية أن تكون الأهداف واضحة و تصل لكل طبقات المؤسسة و ذلك لأن كل خطط المؤسسة يجب أن تتضمن تداخلا من عناصر العمل و بالتالي تضمن الإحساس بالمسئولية المشتركة و من ثم النجاح.
  2. التنظيم: يعهد للإدارة بتنظيم المؤسسة بالصورة التي تتفق مع أهداف المؤسسة و قدرات كل عناصرها و استراتيجيات و تكتيكات الإدارة.
  3. القيادة: غالبا ما ينظر في بلادنا للإدارة العليا على أنها ذلك العمل المكتبي المريح المملوء بالكلام النظري الفارغ و هو ما ثبت صحته مع الآسف في بعض قطاعات الدولة إلا أن الحقيقة لا يمكن أن تكون أبعد من هذا . فالإدارة هي العمل على وضع القدوة و قيادة المؤسسة إلى تحقيق المستهدف, و لا يتحقق ذلك إلا إذا رأى العاملون بالمؤسسة في قياداتهم ما يلهمهم, و ذلك بالتزام و انضباط تلك القيادات قبل مطالبة العاملين بفعل نفس الشيء.
  4. التحكم: أو ما يمكن أن نطلق عليه المتابعة. فوضع أعظم الخطط مع استخدامك التنظيم الأمثل و القيادات الملهمة دون قدرة على المتابعة و ضبط إيقاع الأمور ليس إلا إضاعة للوقت و الجهد و المال. التحكم هو رشة الملح التي تضبط الطبخة أو تفسدها.  و لا ينبغي أن يتحول التحكم إلى قيام  الإدارة العليا بعمل عمل العاملين و لكن إلى التأكد من قيام هؤلاء العاملين بعملهم على أكمل وجه.

الحلول التفصيلية للحالة المتاحة:
شركة ------------- هي شركة مصرية, برأس مال مدفوع بالكامل يبلغ XXXXXX جم. تعمل في مجال المقاولات.

تعانى الشركة من ضعف عام في إيراداتها منذ عام 2010, مما أدي لتأكل أرباحها مع ارتفاع عام في مصروفاتها الإدارية و العمومية. كما تعانى من هبوط في معدلات الكفاءات في بعض القطاعات و عدد من المشاكل الأخرى. و ينتوى هذا البحث تطبيق المعايير السابقة على هذه الحالة و الخروج ببعض المقترحات للحل. تبدأ الدراسة بتسمية المشاكل الملاحظة بالمؤسسة
  1. تعاني المؤسسة موضع الدراسة من ضعف في مستوي الكفاءات مثل مؤسسات أخرى كثيرة, خاصة في المجالات الهندسية و المحاسبية.
  2. تعاني المؤسسة من غياب واضح لروح الفريق الواحد و الانضباط, حيث يوجد بعض العناصر التي ترفض الاندماج و التعاون مع بقية العاملين و هناك عناصر خجولة و أخرى بعيدة بسبب ظروف عملها. كما إن الالتزام بالمواعيد ضعيف للغاية و نقل المعرفة من الأكثر للخبرة للأقل خبرة يجري بصورة غير مرضية
  3. رغم حدوث ما يستوجب الفصل في بعض الأحيان إلا أن ذلك لم يتم ربما خوفا على سير العمل أو منحا لفرص ثانية للعاملين
  4. لا يتم الإعلان عن أي مكافآت تمنح إن كان هناك مكافآت.
  5. لا يوجد إدراك عام لإستراتيجية الشركة و انعكاس حدوثها على الفرد العامل.
  6. أكبر نقاط الضعف مع النقطة رقم 2, لا يوجد أي نوع من أنواع التدوين أو القياسية, يرجع الجزء الأكبر لتقصير الإدارة المسئولة و الجزء الثاني لضعف الكفاءات الهندسية أو عدم اهتمامها بهذا الدور و تركيزها على الدور التنفيذي التقليدي."

الجمعة، 10 يوليو 2015

كهنوت القضاء


لن أتحدث عن كيف نطق لسان وزير "العدل" محفوظ صابر بما هو ليس عدل.... بل سأتحدث عن عن كيف تكلم الرجل عن المسكوت عنه بالتراضي و التواطؤ..... عن المنظومة و ما لها و ما عليها

القضاء ليس جهازا عاديا من أجهزة الدولة... فهو يتفرد بخصائص عدة ... فهو سلطة غير منتخبة. فلم يختار الشعب رئيس المحكمة الدستورية أو رئيس محكمة النقض و لا حتى ممثل الدعوى العمومية, النائب العام. غير أنها سلطة واسعة التأثير ربما بأكثر من السلطة الأشهر: التنفيذية... كما أنه في تقديري و على الأقل حتى وقت قريب للغاية..... هو السلطة التى تحظى بإحترام و محبة تلمس فيهما صدق ما... و أخيرا هي السلطة الأكثر عمرا نظريا, فالقاضي يظل في منصبه حتى السبعين من عمره.

و لأنه غير عادي, و لأنه على ما هو عليه فحق علينا ووجب له أن نقف له بالمرصاد إذا ما "نسي" دوره.....

مبدئيا, أنا أتحدث في شأن القضاء و لست قاضيا و لم أدرس حتى في كلية الحقوق, و أنا لا أناقشه كشأن فني, بل كشأن عام, صلاحه و خرابه يؤثر على حياتي و على إستقرار البلد ككل, فهو ليس شأن خاص بالقضاة, بل هو شأن خاص بالجميع بما فيهم أبناء عامة الشعب الذين إستنكفهم السيد المستقيل

و لننتقل لصلب القضية مباشرة, هل ما قاله الوزير المستقيل هو "زلة لسان" حقا؟ بالطبع لا

لا أعتقد أن كثير من القضاة يختلفون مع الوزير السابق.... قد يختلفون مع سيادته في ملائمة التعبير عن هذا الرأي, خصوصا أن القضاة لا ينبغي لهم أن يعبروا عن آرائهم دون تحسب لما لمناصبهم من حساسية, و لكنهم لن يختلفوا عنه كثيرا في ذلك, و ها هو السيد رئيس محكمة إستئناف القاهرة السابق في جريدة الشروق "الرزينة" يؤيد السيد الوزير المستقيل و يقول أن "العرق دساس"!!

هذا الكلام كاشف في الحقيقة.....



لماذا نحتاج لإصلاح منظومة القضاء؟
عدل السماء سنحصل عليه حين نقابل وجه كريم... و حتى يحدث ذلك, فلا يوجد لدينا سوى عدل الأرض

عدل عبثت به كل الأنظمة... منذ مذبحة قضاء عبد الناصر مرورا بإنتدابات سيئة السمعة و إنتهاءا بإختراقات أمنية و سياسية للجسم القضائي لا ينكرها إلا ضرير.....

منظومة القضاء سيئة.... لا أتكلم عن الأحكام و تنفيذها فتلك نقطة لاحقة, بل منذ البداية... كيف يتم إعداد القضاة؟ كيف يصبح الشخص في مصر قاضيا؟؟ هذا صلب ما قاله الوزير السابق

طلبة كلية الحقوق يعلمون أن ليست كل الكليات مثل بعضها.... بعض الكليات أصعب من غيرها حتى تجد أن أوائل الدفعة فيها قد تحصلوا على تقدير جيد جدا بصعوبة بالغة, بينما في كليات أخرى تجد 5 و ربما أكثر يحوزون تقدير إمتياز و هو شأن غير مفهوم في كلية نظرية

يتخرج طالب الحقوق من "ولاد الناس الكويسين" عارفا مآله..... يتقدم للتعيين في النيابة العامة و يتعين... و قد تغدر به الأيام فيجد نفسه في النيابة الإدارية مع بنات المستشارين... أو قد تسوء به الحال أكثر و يصبح من محامي الحكومة بهيئة قضايا الدولة و التي لسبب ما غامض فشل في فهمه الكثير تحمل صفة الهيئة القضائية!

ماذا عن زميله إبن الرجل البسيط؟ هل له فرصة حقيقية في ذلك؟ هل التعليم و السلوك القويم تذكرة كافية للترقي الإجتماعي و الوظيفي؟

إجابة السيد الوزير و نفر من صحابته هي لا... ليس مهم من أنت و لا ماذا صنعت... المهم من أبوك...

تبا لها من إجابة و تبا لذلك من رأي!!

طيب و ماذا بعد التعيين في النيابة؟ هل 4 سنوات من الدراسة في الكلية كافية لإعداد "قاضي"؟

إن الشاب الذي تخرج لتوه من الكلية يجد نفسه معاونا للنيابة أو مندوبا مساعدا بكل ما تحمله تلك الوظيفة من هيبة دون أن نعده لذلك أبدا.... كان هناك مشروع قد تم تقديمه من قبل وزير عادل أسبق في شأن تأسيس أكاديمية للعدالة تقبل خريجي الحقوق و تقوم بعمل تأهيل و إعداد نفسي و فني لهم ليعملوا بالسلك القضائي, و تقدير هذه الأكاديمية هو ما يؤخذ به في تقييم هؤلاء و تعيينهم..... قد يكون ذلك حلا ضروريا الآن.... قد تسهم أكاديمية العدالة في رفع مستوى القضاة الفني و النفسي و قد تسهم في كف يد "الزحف المقدس" كما سماه أحدهم قبل عامين.

هل سيغير هذا من واقع ما نطق به الوزير السابق؟ هل سيتوقف كهنوت القضاء؟

ربما ليس بصورة آنية و لكن صار لزاما العمل على إيقاف هذا الأمر بأسرع وقت ممكن.... هناك هيبة للقضاء ينبغي العمل على الحفاظ عليها لأنها مع شخصية القاضي و ثقة العامة و المتخاصمين في حكمه جزء من حجية الحكم بظني, و لكن ما أتحدث عنه هنا هو كهنوت القضاء, ذلك "الجيتو" الذي خلقه القضاة – أو الكثير منهم توخيا للدقة- لأنفسهم.... حماية لإمتيازات تافهة ربما, أو حماية لمنظومة العدالة لدى البعض منهم ربما.... تعددت الأسباب و النتيجة واحدة. ليس هذا هو الجيتو الوحيد.... فأبناء القاضي في القضاء,  و أبناء لواء الشرطة ضباط ... و أبناء المشير ضباط جيش .... الجيتو في كل مكان في المنصة و الشرطة و الجيش و الخارجية و البنك و الجامعة و وزارةالكهرباء و البترول و  و و و .... مصر أصبحت أرخبيل من الجزر المنعزلة!!

الكثير لديه قناعة محفوظ صابر.... ليس فقط في القضاء.... و لكنهم أقل منه صراحة أو أكثر منه حصافة أو أقل منه إهتماما بما يعتقده الناس..... الكل محفوظ صابر و الجيتو يضيق عليهم أكثر و أكثر....

إصلاح القضاء أصبح أهم من أن يترك أمره للقضاة فقط..... و لكن كيف ذلك و مصر بلا سلطة تشريعية منذ 3 سنوات؟!!!

هذه مصيبة أخرى و حديث آخر


الأحد، 21 يونيو 2015

بنك الحظ...

تتميز البنوك في مصر بكونها جزء من المشكلة و ليس جزء من الحل.... يعني بالبلدي كدة, البنك مش هيحللك مشكلتك, و لكن هيخلقلك مشكلة لحلك

لو إنت شركة, فمتتوقعش دعم حقيقي من البنك في صورة تسهيلات أو قروض أو خلافه... قاعدة البنك في مصر هي زيرو مخاطرة... و عليه البنك فقط يقرض من يمتلك ما يساوي أكثر من القيمة المقرضة -صعبة أنا عارف- يعني البنك هيديك مليون جنيه سلف لو انت معاك كاش أو ما قيمته مليون و متين ألف.... و لو انت محتاج مثلا تسهيلات -خطابات ضمان على سبيل المثال عشان تشتغل و تمشي تعاقداتك- فالبنك هيطلب منك في الأول تغطي 100 %, و بعد تعاملات مثلا 4 سنين و طلبات و أوراق هيغطيلك هو 50% مثلا, و لما تروح تطلب اصدار خطاب الضمان, هتلاقي البنك بيطلب منك مهلة أسبوع -عادة بتوصل لأسبوعين- عشان يطلعلك الخطاب لأن البنك بيعمل "تحرياته" عن العملية و الموقع و العميل و خلافه..... فطبعا تلاقي ان دة مستحيل فتروح مسدد كل الخطاب و الجزمة في بقك

لو إنت فرد و بتتعامل مع البنك بصورتك الفردية فغالبا الصورة مش هتختلف كتير..... لو حبيت تمول شراء عربية مثلا فغالباً الأوراق اللي هتجيبها هتكون خطاب من جهة العمل + توكيل ببيع السيارة + نسخة مفتاح+ توقيع على شيكات بقيمة السيارة و لا تستردها عند السداد و لكن في آخر المدة + حظر بيع على السيارة+ لا يمكنك تجديدها إلا بخطاب من البنك + لا يمكنك رفع حظر البيع إلا بعد ما تأخد خطاب من البنك بتمام السداد و الخطاب دة بيتأخر لأسابيع + غرامة لو دفعت اللي عليك بدري + مجموعة من الصور الفاضحة لك عشان تبقى تحت السيطرة :). دة مجرد مثال على تمويل السيارة.

أما لو انت عندك 50 مليون جنيه و أصلا مش محتاج و لا عاوز تمويل أو تسهيل بنكي "كريديت لاين" فهتلاقي مدير البنك بيكلمك كل يوم الصبح يسألك لو عاوز حاجة من تحت يجيبهالك, و بعدين هتلاقي مندوب البنك جايلك الحمام يمضيك على طلب خط إئتمان ب20 مليون و الفلوس تنزل حسابك قبل نهاية يوم العمل, و البنك هيفتح فرع في أودة الأولاد عشان لو احتاجوا حاجة... و بعدين انت تضرب على الفلوس و تهرب و  موظفي البنك كلهم يدخلوا السجن....

بجد..... البنوك في مصر لا تدعم الإقتصاد و لا الإستثمار.... البنوك في مصر لا تبحث و لا يعنيها المستثمر الجاد في أي شيء.... البنوك في مصر تعمل على الحصول من الناس على ودائع تستخدمها في شراء سندات الخزانة و تقرض الحكومة و دمتم... و في المنتصف تقرض بعضا من مليارديرات البلد و مليونراتها عدة مليارات بسيطة من باب إنها "أحسن من قعدة القهوة" و ما بين هذا و ذاك ترسل مزيدا من المزز لبيع مزيدا من الكريديت كارد... أما دراسة جدوى مشروع بجد, تطوير و استثمار أموال في مشروع ناشيء ما و دعمه و تحقيق ربح لاحق, تقديم حتى مشورة صادقة أو التعامل بشفافية مع العملاء "هي غالبا العملاء دي هما يقصدوا بيها الجواسيس بس مش بيقولوا ع النت" فهذا من المستحيل

البنوك في مصر عدة أنواع....

البنوك الحكومية أو شبه الحكومية: و دي اللي الحكومة بتمتلكها بالكامل أو بنسبة كبيرة و دول زي الأهلي و القاهرة و قناة السويس و مصر و التعمير و الإسكان و التنمية الصناعية... و دول مش متتعاملش معاهم, دول متعديش من قدامهم أصلا.... دي بنوك الحكومة, بكل ما تتخيله عن معنى "الحكومة"... أذكر أحد أعضاء مجلس إدارة بأحد هذه البنوك قال لنا قبل عدة أشهر "كل الموظفين اللي عندي دول شوية ******, كلهم عارفين انهم لو مشتغلوش لمدة 40 سنة, هيأخدوا مرتباتهم و "حوافزهم" و "أرباحهم" حتى لو مجوش الشغل.... طب يشتغلوا ليه؟!!" أنا شخصيا تأكدت من كلام الرجل فيما يخص إنهم شوية ****** :)

البنوك الإستثمارية الضخمة: و دي البنوك اللي هتلاقيه إسمها فيه كام حرف كدة بالإنجليزي, زي CIB, HSBC, QNB,,,,, KFC و كدة :) ... دي بنوك مكيفة, أقل زحاما من الأولى و أكثر إبتساماً. تجد لديهم الموظفين الشباب الحلوة العريضة بتاعة الجيم و البنات الأمامير اللي بتشوفهم في مسلسلات رمضان. عموما البنوك دي بتبقى ريحتها حلوة... دول بقى مبيفرقوش في أي حاجة عن البنوك الأولانية غير إن لسانهم حلو و ريحتهم أحلى.... بس غير كدة النتيجة واحدة... دول لا يهتموا بك كعميل -فرد أو شركة- هو بيستهدف الناس اللي أصلا مش محتجاله

البنوك الإستثمارية الصغيرة: و دي البنوك اللي بدأت تشتغل في مصر في السنوات العشر الأخيرة من خلال شراء بنوك أخرى في السوق, زي مثلا الأهلي المتحد, بيريوس,,,, إلخ... معنديش تجربة معاهم لكن أتصور - و قد أكون بأخرف- إن قاعدة عملائهم أصغر و ربما يكون لديهم دافع أكبر لتقديم خدمة حقيقية... و قد لا يكون... معرفش

البنوك "الإسلامية": و دي بقها البنوك اللي بيحبها أصدقائي السلفيين و العائدين من السعودية. هي أقرب للنوع الأول غالبا بس عندهم زبيبة صلاة في مكان ظاهر. فعليا لا يوجد أي فارق بينهم و بين البنوك الوحشة "الربوية" بس دول بتوع ربنا يا ولاد ال****** و لديهم أسماء تسمى المرابحة و الإستصناع و الإستزراع و الرسوم الإدارية و لكن في حقيقة الأمر هم يأخذون فائدة و ربا عادي خالص بس بيسموه حمادة على إسم جده عشان محدش يزعل و أصلا نسبة فوائدهم أعلى من البنوك الربوية :)... بس هم فعليا بتقديري مش مختلفين في واقع الأمر عن أي من البنوك الأخرى... و برضو زحمة

عموما, البنك في مصر عاوز يكسب و دة طبيعي... بس مش عاوزك تفهم, و لا تتكلم, و لا تسأل, و تدفع من سكات فلوس متعرفش هي إيه و لما تحتاج دعم حقيقي... مش عاوزك تيجي ناحيته أصلا عشان هو بيقرف... و دة اللي مش طبيعي

على فكرة... غالبا المصريين أدركوا دة من زمان, ربما دة السبب اللي عشانه مصر اللي فيها 88 مليون مواطن و 90 مليون خط محمول فيها أقل من 7 ملايين حساب بنكي....

بإختصار.... البنك الكويس في مصر هو بنك الحظ.... لو ضروري يعني.... يبقى البنك اللي جنب بيتك و مش محتاج ركنة

ربما بعض ما ورد أعلاه فيه مبالغة من وجهة نظرك و ربما بعضه سيُغضب أصدقائي من العاملين بالبنك - و هم كثير- و لكنني أكتب الإنطباعات التي خرجت بها من تعاملاتي مع بنوك مختلفة و متعددة, و كل مثل مما ذكرت أعلاه أعرف أنه قد وقع فعلا معي أو مع أحد ممن أعرفهم جيدا

الخلاصة: شكسبير كان على حق في موضوع شيلوك

الثلاثاء، 16 يونيو 2015

العدل أثاث الملك

كتب أحدهم في يوم ما مقولة بهذا المعنى..." في أي مجتمع هناك 10% من الأشخاص سيطيعون القانون في أي وقت, و هناك 10% من الأشخاص سيخالفون القانون في أي وقت, ال80% الباقية ستطيع القانون ما كان سيفه مشهرا و ستخالفه ما كان سيفه مغمدا".... أو شيء بهذا المعنى ... إنه منحنى الجرس الإحصائي الشهير....

القانون.... الكود.... القواعد الأساسية.... مجموعة الأشياء التي اتفقنا جميعاً ضمناً أو فعلاً على أنها حاكمة و غالبة على ما سواها.... القانون في بلاد أخرى هو عاداتهم و تقاليدهم.... القانون في بلادنا هو مطية من لا مطية له, كذلك جعلناه

لماذا القانون مهم؟؟

لأنه ببساطة هو الغراء الذي يلصق الشخص بالشخص فيصير هناك ما يُعرَف بالمجتمع.... بدون قانون لا يوجد مجتمع... ستجد فقط ما تجده أمامك الآن. القانون هو الأمور التي تميزنا و تجعلنا مجتمعا له خصائص... و ربما أيضا تميزنا نوعاً ما في مراحل متقدمة عن باقي الزملاء من مملكة الحيوان

كان من النكات المفضلة في العهد المباركي الأول أن مصر دولة قانون و دولة مؤسسات.... هي نكتة مضحكة لم تفشل أبدا في رسم البهجة على وجوه الكثير, و لكن ما كان حقاً يجعلني أقهقه نكتة "و القضاء لدينا مستقل"..... لا تزال هذه النكات صالحة في العهد المباركي الثاني.


خلق الله الكون بسنن لا تتبدل.... إذا إجتهدت فستنجح.... هذه سنة الله في خلقه... إذا تكاسلت فستفشل... هي قواعد سنها خالق الكون لكونه و هذا شأنه.... ليس للأمر علاقة بالإيمان و الإنكار..... هي سنن و مواعيد ربانية.

في مصر لدينا من القانون ما يكفي للتصدير... نحن نحب القانون حب الخادمة للخرقة.... نحب أن يكون لدينا خرق عديدة نهينها و نمسح بها بلاط البيت.... ثم نلقي بها جانبا...

من يملك إهانة القانون في مصر؟؟

الكثير حقا... إنه طابور طويل, يقف على رأسه مشرعو القانون و واضعوه... الحكومة و الدولة و السلطة التنفيذية هي أول مخالف للقانون و لكل قانون, هي من مجموعة ال10% الثانية التي ذكرتها في أول المقال... فلو كان رب البيت للدف ضارب, فشيمة أهل البيت كلهم اللامؤاخذة. يليهم رجال القانون بدفتيه.... القانون نَص و لكن نصوصه في الدرجة الثانية بعد روحه... و نحن نخنق روح القانون صبيحة كل يوم لمجرد المتعة

يصدر السيد الرئيس جامع السلطات و بديل البرلمانات كل يوم قوانين جديدة.... لا أذكر منها إلا القليل مما هو فوق مستوى الشبهات الدستورية.... هكذا فعل سلفه. الحقيقة المؤسفة أن مبارك هو آخر رئيس إحترم القانون نوعا ما و لم يمسح به بلاط الوادي و الدلتا و لكن دعوات الإنجاز تبدو براقة... و لكنها باطلة عزيزي الدوق.... فالدستور الذي عليه اتفقنا و به قبلنا حتى و إن رفضنا معطَلٌ إلا قليلا.... و لم يعدم هؤلاء أن يجدوا من يقول أن الموعد الفلاني "تنظيمي" و هذا "إقتراحي" و آخر "عبثي" ... فيجوز للحكومة ألا تقدم مقترح الموازنة في موعدها و لا حرج.... و يجوز التغاضي عن إقرارات الذمة المالية و لا حرج.... بل يجوز ألا يكون لديك برلمان يمثل المجتمع للعام الرابع على التوالي بنجاح منقطع الجماهير و لا حرج.... الحرج هرج و اللي أختشوا بقوا في الحمام و ماتوا. و يجوز للمحكمة الدستورية أن تخالف حكم النقض بكشف مرتبات أعضائها و لا حرج... حتى و إن كانت مرتبات أعضائها تلك تسدد من جيب الشعب... أو من صناديق خاصة هي أيضا من جيب الشعب... و لكن دعونا نتفق أنه ليس هناك شعب... فلا حرج

يسألونك عن التقدم قل إذهب إلى أي محكمة..... دعك من الحاجب و من المتهم و من المحامي.... بل و دعك من القاضي... أنظر خلف الأخير ستجد يافطة كبيرة تقول "العدل أساس الملك"..... حتى لحظة كتابة هذه السطور ليس العدل إلا أثاث الملك... يغطيه ببياضات حتى لا يطوله التراب.... ديكور

حيثما وجدت هذه اليافطة على أرض الواقع... فثَم دولة القانون.... و ثَم أرض الحق....

حتى ذلك الحين, بالله عليكم لا تذكروا القانون بسوء و دعوه يرقد في سلام.....