السبت، 14 أبريل 2012

يوم25 يناير....بشرطة

تم نشر هذه المقالة بصفحتى بموقع الفيس بوك يوم 25 يناير 2012

 أرجو ألا يخطئ أحد "بحسن أو سوء نية" قراءة العنوان, فانا أعنى "بشرطة" بفتح الشين.............

اليوم هو 25 يناير 2012, لابد أنك تعرف و لم تنسى, أو تعرف و قررت انك "تستعبط".............اليوم هو ذكرى مرور عام على ثورة الشعب المصرى

هذه المقالة أيضا بناءا على طلب أحد أصدقائى المقيمين خارج مصر, أكتبها محاولا وصف ما رأيت اليوم فى مظاهرات الإسكندرية و أن أنقل لإخوتنا المقيمين خارج مصر ما حدث لنقلل عنهم بعدهم المكانى عن قلب الحدث.

 بدأ الأمر بتليفون بالأمس من أحد الأصدقاء للاتفاق على اللقاء و صلاة الظهر بجامع ابراهيم و لنرى ما سيحدث, و اتفقنا على ذلك بالفعل.

لاحظ أن معظم الناس التى نزلت اليوم و التى تقدر فى جميع أنحاء الإسكندرية بما لا يقل عن ربع مليون "تقدير شخصى من مشاهداتى", نزلت لنفس الهدف................لترى ما سيحدث. مصر بلد لطيف حقا, حين يفرض حظر التجوال, ينزل الشعب كله ليراقب الحظر و حين تأتى المظاهرات, ننزل أيضا لنرى ما سيحدث......

اتصل بى ذلك الصديق فى الصباح"هو صديق لى من عدة أشهر و لم أره من قبل أبدا!!!", اتصل ليؤكد على موعدنا و قد أكدت له ذلك و لكن حبسنى شئ ما فقلت له أنى سوف أدركهم بعد اتمام الصلاة. و بالفعل وصلت عند جامع القائد ابراهيم حوالى الساعة الواحدة ظهرا, فى نطاق الجامع حوالى 8-10 ألاف شخص, ليست مظاهرة بالمعنى المفهوم, هى أقرب إلى احتفال أو حفل شواء فى العراء حضره الكثيرون......عربات التصوير و القنوات و المصورين من مصر و خارجها متناثرون هنا و هناك, أحد مهندسى البث الإذاعى جالس فى ظل شجرة أمام أجهزته العديدة يأكل السميط.....باعة الأعلام و التذكارات يبدون أكثر شغفا باليوم من التواجدين أنفسهم!!!!!

التقيت بالأصدقاء الذين لم أرهم من قبل, كنت قد إصطحبت أخى الأصغر معى ووقفنا جميعا معا بجوار الجامع فى زحام أقل مما تحدثه صوانات العزاء بالجامع الشهير حتى أتى الجميع و قال أحدهم أن علينا التحرك الى ميدان الجندى المجهول و لم أعرف لماذا, هناك أخبار تتناثر هنا و هناك أن المظاهرة قد تحركت فى شارع بورسعيد باتجاه قيادة المنطقة الشمالية العسكرية, و أخر يقول انه لا يحب التوجه فى المظاهرات للمنطقة الشمالية لان المواجهة مع الجيش غير ذات موضوع......

صورة تقليدية لبداية يوم كهذا, تشعر انك لا تعرف ما سيحدث و الكل يدلى بدلوه.

تحركنا فى اتجاه محطة الرمل بهدوء, نزلنا باتجاه البحر و اذ بنا نجد المظاهرات تسير بعرض الكورنيش..................ألاف و ألاف من البشر تمر من أمامك فى مجموعات صغيرة أو كبيرة........وقفنا نشاهد و الناس تمر من خلالنا كما لو كنا غير مرئيين, أخى يلح فى الانضمام الى أى من المظاهرات و أنا بعد أراقب و أتفرج. و بعد حوالى عشر دقائق تحركنا لا إراديا وسط الجماهير وراء إحدى السيارات التى ركبها عدد من الشباب و معهم ميكروفون و يهتفون "يسقط يسقط حكم العسكر, احنا الشعب الخط الأحمر" و " الشعب يريد اعدام المشير" و "ارحل يا مشير" و أيضا أخر صيحات من العام الماضى "عيش, حرية, عدالة إجتماعية" و "الشعب يريد اسقاط النظام". بين ذلك و ذاك يرتجل قائد الهتاف كلمات قصيرة مقتضبة حول أن الشعب لا يمكن أن يضحك أحد عليه و أشياء من هذا القبيل.

بعد بضع دقائق اكتشفنا اننا نسير فى قلب مظاهرة الحزب الشيوعى المصرى و ان كل ما ينقصنا الان هو أن نأخد عدة صور مع تمثال لينين!! و لكن من الواضح أن المسيرات المختلفة المتتابعة قد تداخلت فالسلفيين يمشى بعضهم بجوارنا بجوار علم نجمة لينين و هو ما يعد دربا من العبث, وقفنا قليلا على جانب الطريق نشاهد المظاهرات تمر و نرى مدى التباين بين المتظاهرين........ أثناء المرور بظهر حديقة الخالدين كان المتظاهرين من حركة السادس من أبريل و الإشتراكيين الثوريين ينادون الإخوان و السلفيين الموجودين بجوار جامع القائد ابراهيم للانضمام إليهم

أمهات و أهالى بعض من شهداء الإسكندرية يسيرون بجوارى مع صور أبنائهم...........و لكم فى القصاص حياة يا "أولى الألباب"......

وصلنا عند المكتبة و قرر رفاقى الانتظار قليلا بينما استمر أخى مع المظاهرة, بعد حوالى نصف ساعة اتصلت به و أخبرنى أن المظاهرة فى شارع بورسعيد و يبدو أن الأعداد كانت كبيرة حقا.....تحركنا بعد قليل و كانت المظاهرات كلها مرت و توجهنا إلى كعبة كل المظاهرات التى التقت عليها كل الإرادات......................قيادة المنطقة العسكرية

وصلنا بالمواصلات عند جدارية مصطفى كامل, المدخل مغلق بسيارة ملاكى و البشائر تقول أن الأعداد فى ازدياد و الساعة الثالثة ظهرا............وصلنا عند بوابة مستشفى القوات المسلحة و الأعلام نراها ترفرف أمامنا و مالا يقل عن 20-30 ألفا يهتفون فى هتافات منفصلة!! الناس من مختلف الأعمار و الخلفيات و المستويات, حضور واضح للسيدات و الآنسات و الأسر و كذلك الأطفال الرضع!! شباب الكلاب هاوس و شباب بيشم الكولًًة جنبا إلى جنب.

بعض من السلفيين يتوسط المظاهرة على منصة صغيرة و يهتف "الجيش و الشعب إيد واحدة" و الباقى يهتفون ضدهم "أنزل...إنزل".............تستمر هذه الملاسنة و المغالبة دقائق و تنتهى ب "الشعب يريد اعدام المشير". واضح أن الجماعات ذات الخلفية الدينية تريد الا تقول شيئا ضد الجيش بعينه و لكن التيار الغالب عكس ذلك

يصل إلى المشهد فجأة نائب برلمانى عن حزب النور و هو أيضا وكيل مجلس الشعب, يرفعه أحد أنصاره فيما يبدو أنه محاولة لتوجيه كلمة للمتظاهرين و لكن هتاف "إنزل...إنزل" يطرحه أرضا, لا أظن أن الكثير يعرفه و لكن هناك حالة احساس عام أن هولاء يريدوننا أن "نلم الدور" و ان المتظاهرين قرروا أنهم لن يفعلوا ذلك!!

أحاديث جانبية بين الناس عن الكثير من الأمور.......البعض يأخد صورا تذكارية و البعض احتدت مناقشته مع الأخرين لحد اعلاء الصوت و الصراخ

لا أريد أن أبدو عنصريا و لكن سمت "البعض" يفضح انتماءاتهم, فهذا يبدو من الإشتراكيين الثوريين "الأناركيين" بكوفيته و ذقنه الطويلة و سمرته البادية من "رزعته فى الشارع طول الوقت" و فتياتهم الجميلات "أحلى بنات مع الأناركيين بصراحة.....ربنا يوفقهم" ذوات التسريحات البسيطة و الملابس العملية. و هولاء يبدون من الإخوان بتنظيمهم و مظهرهم, دائما ما أجد الشاب الإخوانى يحمل معه "كيسا" و لا أعرف لماذا و لكن تقديرى أن ذلك من خبرة سابق الأيام و استعدادا لأى اعتقال محتمل, فربما يكون به ملابس أو طعام أو ما شابه. السلفيون ايضا معظمهم واضح السمت............يمكنك تقسيم انتماءات من هم بجوارك و لكن لا أظن انه يمكنك فصلهم عن هدف يجمعهم.

الأعداد تزيد, لابد اننا الان 50 الفا أو نزيد, محاولة استخدام المحمول هى محاولة عبثية الان فلا يمكن ذلك مع هذه الأعداد الجبارة, و ما يغيظك حقا أن غالبتهم يضع المحمول على أذنه و يتكلم و لا أعرف كيف يستطيع الاتصال أصلا.

الساعة الان الرابعة و النصف و أخيرا تمكنت من العثور على أخى ثانية

تنشق الأرض عن سيارة ملاكى نوبيرا تقودها سيدة عجوز قادمة ببطء شديد من قلب المظاهرة و الكل يسأل "هى الولية دى جاية منين؟؟؟!!!!!!!!!!" و واضح انها صممت على المرور وسط المظاهرة على اعتبار اننا من الممكن أن "نساع بعضينا"

قررنا أن نبدأ التحرك فى اتجاه منازلنا و ان كان باقى المتظاهرين لا يبدو عليهم أى نية للرحيل, بصعوبة شديدة شققنا طريقنا وسط المظاهرة وصولا إلى الجانب الأخر, ووجدنا رائحة الكبدة تغلف الجو "عربة كبدة الثورة واقفة وسط المظاهرة!!". أخيرا خرجنا من الزحام ومشينا إلى المنزل.

كل ما سبق هو "الحقائق" و ما بعد ذلك "رأيي الشخصى". لا شك عندى أن الثورة لم تمت لان الثوار لازالوا متيقظين, اليوم لم يكن احتفالا بالنسبة للناس و لكنه لم يكن أيضا مظاهرة خالصة, و لعل ذلك سببه أن الناس لم تعد تخشى المظاهرات بل أصبح ذلك أشبه بالطقس العائلى المستحب. عادت التجمعات التى تجمع صاحب مصنع السبرتو و من يشرب السبرتو معا, الغنى و الفقير و العامل و المدير فى مظاهرة واحدة وحيدة الهدف...........أى حاكم مستقبلى لمصر لا يستطيع أن يقدم لشعبها مشروع قومى يجمعهم هو ببساطة شخص غبى و مغفل لأن من تجمعهم كراهية الحاكم و حب الوطن من الممكن بسهولة أن يجمعهم حب الوطن فقط.

رغم وحدة الهدف الآنى, الا أن حجم الخلافات بين التيارات الفكرية و السياسية فى مصر...................أوسع مما يجب.......و لا أحد يسمع الأخر أبدا

الناس تفهم الفرق بين الجيش و المجلس العسكرى بأفضل مما نظن, و لكنهم أيضا لا ينوون أن يفعلوا مع المجلس ما فعلوه مع مبارك......مجرد احساس!

المظاهرات لم تعد تقلق الجيران, بل ان المحلات فى شارع المشير أحمد اسماعيل لم تغلق أبوابها و هى على بعد 40 مترا من المنطقة العسكرية, لقد أيقنوا متى يكون الوضع آمنا و متى لا يكون كذلك

الشباب ما بين العشرين و الأربعين سيحكمون مصر فى خلال 5 أعوام, و سيغيرون وجه الحياة فيها

لم يعد من المريح أو  المربح أن تكون سياسيا فى مصر, هذه المهنة أصبحت تحت المجهر, كذا المناصب الكبيرة فقدت كل الرهبة فى قلوب المصريين, فلم يعد هناك رهبة من مدير الأمن و لا النائب العام و لا غيره بعد انهيار الرهبة ممن هم أكبر و أهم.....لن يبقى إلا من "يحترمه" الناس و هم قليل.....................باختصار "لاأهل تلم و لا حكومة تهم"

رئيس مصر القادم, ايا كان................أمه داعية عليه

لقد سقط حكم العسكر كما سقط مبارك............التفكير فى الخطوة التالية فريضة واجبة على أصحاب "العقول" فى هذا البلد, فلقد تركوا البلد لأصحاب "العجول" بما يكفى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق