نشرت هذه المقالة فى نوت على صفحتى على الفيس بوك فى 9 فبراير 2011
"على فكرة أنا ثورجى, ذلك الشخص الساخط على الأوضاع غالبا المقاوح دائما. ربما أصدقائى المقربين يعرفون ذلك عنى و أكثر. لذا من الطبيعى و المنطقى أن أكون من أوائل المؤيدين للثورة المصرية التى وقعت منذ الخامس و العشرين من يناير. لقد شاركت فى المظاهرات فى جمعة الغضب من مدينتى (الاسكندرية) و شاركت فى المليونية و شاركنى أبى و إخوتى فى ذلك كما شرفت بالعمل فى تنظيم المرور فى شارع السلطان حسين و كنت أشعر بسعادة بالغة, ناهيك عن السهر فى حماية المنزل فى بعض الأيام. كل ده كوم و اللى حصل النهاردة كوم تانى خالص......
الحقيقة أنا كنت مبسوط من نفسى حبتين و جايز لأن الواحد حس إنه واد ثورجى برنجى من النوع الفاخر (فرز أول). مظاهرات و هتافات و حركات بقة, و مشاركة فى بناء الوطن و الكلام الجامد بتاع الصالونات الثقافية بتاعت المأسوف عليه التليفزيون المصرى. و الحقيقة إن المشاركة فى التظاهرات دا شئ فعلا مهم و خطير....... و كنت مقتنع انى عملت دورى الوطنى الحتمى و التاريخى لحد امبارح بليل.
ليلة الإثنين, كانت منى الشاذلى (اللى أثبتت فى رأيى إن الثورة دى بينت الزبالة من الناس الكمل و هى من الصنف التانى), كانت مستضيفة وائل غنيم اللى ماكنش حد يعرفه من عشر أيام (لو متعرفشى مين وائل غنيم, اقفل الكومبيوتر و قوم نام). الراجل كان لسة راجع من 3 ساعات من منتجع أمن الدولة فى جبال مدينة نصر و شكله شبه البنى أدمين بالضبط بس ناقصله وش. الواد شكله كان بيتنفخ على الكمبريسور. و هو قال انه ماتعذبشى و أنا شخصيا مصدقه. اكلم و حكى و قال كتير و عيط لما قطع قلبى و لما ساب الحلقة و قام أنا كانت حالتى نيلة خالص و قلت أقوم أتخمد علشان عندى شغل الصبح و كفاية عكننة النهاردة. بس اللى حصل طبعا انى قعدت أكمل الحلقة كعادتى الكريمة و الحمد لله إنى عملت كدة.....ليه؟؟؟
بعد وائل, منى جابت كام ضيف من اللى فى الميدان و قالت عليهم انهم مش "مسيسين", ماشى. فنان تشكيلى و شاعر و مذيعة و أخيرا مربط الفرس....دكتور و جراح القلب د/طارق حلمى
الدكتور دة حكى قصته, و هى باختصار انه طبيب لا يفقه فى شئ غير عمله, لم يشاهد التليفزيون و لا يقرأ الجرائد باعترافه من أكتر من عشرين سنة و عايش فى غرفة العمليات ليل نهار و حتى ولاده مش بيشوفهم كتير. المهم ان بنته صممت تنزل مظاهرة التحرير يوم 25. و هو قال ان ابنه مالوش أى اهتمامات سياسية خالص و كان معترض على ذهاب أخته. لكنه فوجئ بابنه نازل التحرير يوم 26 بليل. الراجل طنش لحد ما زوجته قالتله انها هتنزل مع الأولاد علشان تطمئن عليهم و قد كان يوم 28 (جمعة الغضب). و من يومها مارجعتشى وقعدت هناك!!!!
يوم الأربعاء لما هجم بلطجية الحزب الواطى (لا يوجد خطأ مطبعى) و الشرطة و قتلوا زينة شباب البلد فى التحرير زى ما الكل تابع, أولاده كلموه بصفته الطبية علشان يجيب مستلزمات طبية و يروح يلحقهم. الراجل ساب اللى فى إيده و راح يلحق و لقى أربع خمس دكاترة رايحين معاه و لما وصل لقى "مذبحة" على حد تعبيره. كسور متنوعة و حروق و كسور فى قاع الجمجمة و أعين مفقوعة عدا الوفيات. الراجل اضطرب من كتر الدماء (أعتقد اخوانا الدكاترة عارفين ان الدم بالنسبة لجراح ممارس من أكتر من عشرين سنة بيكون حاجة كدة زى المية الساقعة فما بالك باضطراب دكتور زى ده من كتر الدم). الراجل قعد يشتغل و يعالج و يخيط ساعات طويلة بحسب روايته......... ولكن كل دة عادى و بنسمع عنه و نقرا من ناس كتير. أمال أيه الفرق؟؟ الفرق انه فى نهاية الحلقة, منى سألته هترجع امتى المستشفى, الراجل قال و صوته مخنق و بيهتف "لما يرحل"
يا نهار أسود, حتى الراجل اللى مالوش فيها قلب شى جيفارا من يومين تحرير!!! أنا بصراحة جالى هسهس فى نافوخى و قلت أنا هوجع دماغى ليه؟؟ قمت ماسك الموبيل و باعت رسالة لمديرى " أنا أجازة بكرة" و نمت و صحيت صباح الثلاثاء و ركبت عربيتى و خدت أخويا الصغير كريم و اتنين اصحابه و طلعت على القاهرة......على التحرير.
أنا ممكن أحيكلكم فى عشر ساعات اللى حصل و شوفته هناك فى أربع ساعات من الساعة 3 ظهرا إلى الساعة 7 مساءا يوم الثلاثاء 8 فبراير 2011. لكن لسه مفيش كلام اخترعوه لوصف اللى هناك. أنا مش عايز أكزن محبط لكن أنا بوجه دعوة لأى واحد له فى السياسة أو بيعوم فى مية اللفت.....أرجوك أرجوك خد من وقتك ساعات معدودة و روح هناك و أقسم لك انك ستشكرنى كما أشكر أنا الدكتور طارق. روح كوكب تانى من غير ما تركب سفينة فضاء, روح شوف الشعب المصرى الشقيق و هو بيعمل معجزة كاملة, روح شوف اللى عمرك ما شفته و لا تخيلته و أراهنك انك هتكون منبهر. مش لازم تهتف أو تنادى بسقوط الرئيس, اتفرج لأنه اللى عاصر اليومين دول و مارحشى هيندم طول حياته.
على فكرة, أنا رغم كرهى لمبارك لما يمثله لى من كل معانى الفساد, لكن لم يعد يعنينى انه يستقيل, لأنه مبارك سقط بالفعل. فلا شئ فى الدنيا سيهزم هؤلاء الذين شرفت بالوقوف معهم اليوم. انهم ليسوا ثوريين, انهم منتصرين.
اليوم أنا قضيت أسعد أيام حياتى وسط سماسرة ساعدونى أن أشترى لنفسى لأبنائى من بعدى وطن أحبه و أنتمى إليه و أغنى أغانيه الوطنية و أناشيده بفخر و لقد وجدتهم يعشون و يعملون فى جنة الله على أرضه, فى عدن المصرية......فى ميدان التحرير
"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق